عنوان الفتوى : قول الفقهاء في فسخ عقد الإيجار إذا اقترف المنكر فيه
أحد زملائي لديه عمارة ، واستأجر لديه أحد الساكنين ولديه دش (ستالايت) وأراد صاحب العمارة إخراجه لهذا السبب و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمما لا شك فيه أن هذا الجهاز شره أكثر من خيره، وضره أقرب من نفعه، والغالبية العظمى من مستخدميه لا يتقون شره، ولا يتحاشون ضره، بل إن الكثير منهم يضعونه أصلاً للتوصل به إلى مشاهدة ما حرم الله تعالى من قنوات خليعة ماجنة تدعو إلى الرذيلة، وحتى إذا قلنا: إن من يضعه لغرض صحيح كسماع الأخبار، لا يسلم من شره، لم نكن في اعتقادنا مبالغين، والواقع أكبر شاهد على ذلك.
وبناء على ذلك فإن اقتناء هذا الجهاز، واستخدامه لا يخلو من محاذير شرعية في الغالب، لذلك لا يجوز لأحد أن يعين أحداً على اقتنائه، أو استخدامه، إلا إذا تأكد فعلاً أنه يقتصر على استخدامه في المفيد النافع المباح.
وعلى المسلمين عامة، وعلى كل أحد منهم على انفرادا أن ينصح من رآه يستخدمه استخداماً سيئاً، أو يتساهل في ذلك، ويحذره من مضاره ومفاسده، انطلاقاً من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة" قلنا لمن قال: "لله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم" رواه مسلم وغيره.
وقوله: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"رواه أحمد ومسلم.
وقوله: "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا عليه يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه" رواه الترمذي والنسائي وأحمد، والأحاديث في الباب كثيرة مشهورة.
ومع ذلك، فقد نص أهل العلم على أن من أجر لشخص داراً أو بيتاً أو شقة إجارة صحيحة، ثم أظهر ذلك المستأجر فسقاً، كشرب الخمر، أو الزنا، فليس للمؤجر فسخ تلك الإجارة حتى تنقضي المدة المتفق عليها مسبقاً.
ونقل ابن عابدين في (رد المحتار) اتفاق الأئمة على ذلك، فقال فيه: ( قال في لسان الحكام: لو أظهر المستأجر في الدار الشر كشرب الخمر، وأكل الربا، والزنا، واللواطة يؤمر بالمعروف، وليس للمؤجر، ولا جيرانه أن يخرجوه، فذلك لا يصير عذراً في الفسخ، ولا خلاف فيه للأئمة الأربعة). انتهى كلامه.
وبناءً على هذا فإنه إذا لم يتأكد هذا الأخ أن المستأجر يقتصر في استخدام هذا الجهاز في المباح، فعليه أن ينصحه، ويبين له الشر الذي ينشأ عن استخدام هذا الجهاز استخداماً غير شرعي، فإن قبل نصحه، فذلك المطلوب.
وإن لم يقبل، فيجب عليه أن لا يجدد له الإيجار مرة أخرى بعد ما تنتهي المدة المتفق عليها مسبقاً، لئلا يكون داخلاً على إعانته على الإثم.
قال الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) [المائدة: 2]. والله أعلم.