عنوان الفتوى : ظنت أنها نفساء فتركت الصوم والصلاة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

مرت أربعون يوما تقريبا على نزول جنين من بطني ولم يتعدَّ الشهرين والنصف ووافق ذلك شهر رمضان ثم تركت الصلاة والصوم ولم يكن لي علم بالأمور الشرعية ، وعلمت بعدها أنني لا أعتبر نفساء ، فهل أقضي ما فاتني من الصلاة والصوم ؟ وأنا الآن حائرة ولا أدري ما أفعل ؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

الحمد لله.

أولا :
إذا أسقطت المرأة فلا يعتبر الدم النازل منها دم نفاس إلا إذا أسقطت ما تبين فيه خلق الإنسان ، من رأس أو يد أو رجل أو غير ذلك .
والتخليق لا يبدأ في الحمل قبل ثمانين يوماً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ : اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوح) رواه البخاري (3208) .
فدل هذا الحديث على أن الإنسان يمر بعدة مراحل في الحمل :
أربعين يوماً نطفة ، ثم أربعين أخرى علقة ، ثم أربعين ثالثة مضغة . ثم ينفخ فيه الروح بعد تمام مائة وعشرين يوماً.
والتخليق يكون في مرحلة المضغة ، ولا يكون قبل ذلك ، لقول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ) الحج/5 . فعُلم من هذه الآية : أن المضغة قد تكون مخلقة وقد تكون غير مخلقة .
قال ابن قدامة رحمه الله : "إذا رأت المرأة الدم بعد وضع شيء يتبين فيه خلق الإنسان , فهو نفاس . نص عليه [أي : الإمام أحمد] وإن رأته بعد إلقاء نطفة أو علقة , فليس بنفاس" انتهى من "المغني" (1/211) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : "إذا أسقطت المرأة ما تبين فيه خلق الإنسان من رأس أو يد أو رجل أو غير ذلك فهي نفساء ، لها أحكام النفاس ، فلا تصلي ولا تصوم ولا يحل لزوجها جماعها حتى تطهر أو تكمل أربعين يوما . . .
أما إذا كان الخارج من المرأة لم يتبين فيه خلق الإنسان بأن كان لحمة ولا تخطيط فيه أو كان دما : فإنها بذلك تكون لها حكم المستحاضة لا حكم النفاس، لا حكم الحائض , وعليها أن تصلي وتصوم في رمضان وتحل لزوجها ... لأنها في حكم المستحاضة عند أهل العلم" انتهى من "فتاوى إسلامية " ( 1 / 243 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين:
"قال أهل العلم : إن خرج وقد تبيَّن فيه خلق إنسان : فإن دمها بعد خروجه يُعدُّ نفاساً ، تترك فيه الصلاة والصوم ويتجنبها زوجها حتى تطهر ، وإن خرج وهو غير مخلَّق : فإنه لا يعتبر دم نفاس بل هو دم فساد لا يمنعها من الصلاة ولا من الصيام ولا من غيرهما.
قال أهل العلم : وأقل زمن يتبين فيه التخطيط واحد وثمانون يوما" .
"فتاوى المرأة المسلمة" (1/304، 305) .
وعلى هذا ؛ فالدم الذي نزل عليك ليس دم نفاس ؛ لأن الجنين نزل قبل تمام ثمانين يوما ، وكان عليك أن تصلي وتصومي في تلك الفترة ؛ إلا إن جاءك الحيض .
ثانيا :
يجب عليك قضاء الصيام ، وهذا لا إشكال فيه ، سواء قلنا إنك كنت طاهرة ، أو كنت نفساء ، لأن من ترك الصيام لعذر (كمرض أو حيض أو سفر) فالواجب عليه القضاء ، وأنت تركتيه لعذر ، وهو ظنك أنك نفساء .
أما قضاء الصلاة ، فالظاهر أنه لا يلزمك القضاء ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر المستحاضة التي تركت الصلاة أثناء نزول الدم بالقضاء ، وإنما أرشدها إلى ما تصنع في المستقبل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "المستحاضة إذا مكثت مدة لا تصلي لاعتقادها عدم وجوب الصلاة عليها ، ففي وجوب القضاء عليها قولان ، أحدهما : لا إعادة عليها - كما نقل عن مالك وغيره – ؛ لأن المستحاضة التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : (إني حضت حيضةً شديدةً كبيرةً منكرةً منعتني الصلاة والصيام) أمرها بما يجب في المستقبل ، ولم يأمرها بقضاء صلاة الماضي " انتهى من "مجموع الفتاوى" (22/102) وينظر جواب السؤال رقم (45648) .
والحاصل : أنه يلزمك قضاء الصوم ، وأما الصلاة فإن سهل عليك قضاؤها فافعلي ، وإلا فنرجو أن يعفو الله عنك ، ونوصيك بالحرص على طلب العلم والتفقه في الدين .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .