عنوان الفتوى : هل يترك الإنكار من باب من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه
أعمل فى شركه أجنبية ويقوم بعض الموظفين من أهل بلدي فى هذه الشركة بتسهيل عمل الشركة عن طريق دفع الرشاوي وشراء معلومات هامة جدا وسرية جداً بطرق غير مشروعة (معلومات يجب ألا تصل للشركة)، فهل يجب علي أن أخبر السلطات الرقابية فى بلدي بما يتم من هؤلاء الموظفين وإخبارهم عن أسمائهم من باب إخبار أولي الأمر -أم يجب الستر عليهم من باب من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه- حاولت نصحهم وهم مقتنعون أن هكذا يجب أن يتم العمل والحصول على المعلومات، ومسؤولو الشركة على دراية بذلك، وكذلك مسؤولو الحكومة بالجهة التي يتم الحصول علي بيانات منها على علم بما يحدث، ولكن لا يتم إتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة نظراً لشيوع الفساد وحاجة الناس للحصول على المال؟ جزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت هذه المعلومات التي قلت إن بعض الموظفين من أهل بلدك يقومون بنقلها للشركة هي مما يمكن أن يترتب على نقله جلب مفسدة أو دفع منفعة، كان ما يقوم به أولئك الموظفون حراماً، وإذا كانوا يفعلون ذلك استجلاباً لرشاوى من الشركة كان ذلك إثماً آخر، لما صح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما، وفي هذه الحال يكون من واجبك أن تنهى الذين يقومون بهذا الفعل، وتهددهم بالإبلاغ عنهم إن لم ينتهوا، وإذا لم يفد شيء من ذلك كان من واجبك الإبلاغ عنهم.
وإبلاغك عن هؤلاء هو من باب تغيير المنكر الذي ورد فيه قول الله تعالى: وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {آل عمران:104}، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أولويات ما يعني كل امرئٍ مسلم، وليس هو مما لا يعنيه، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. لا يقتضي ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل يقتضي ترك ما لا يهمه ولا يليق به من خصوصيات غيره، وما لا يحتاج إليه في ضرورة دينه ودنياه، ولا ينفعه في مرضاة مولاه.
والله أعلم.