عنوان الفتوى : بيع الوكيل لنفسه وشراؤه منها
الإخوة بالشبكة الإسلامية : مشكورين على الرد ونسأل الله لكم التوفيق لكن لي نقطات لا بد أن أوضحها لكم هي : أنا لست وكيلا للشخص يعني هنالك من جهة تسمى لجنة المشتريات هي المسؤولة عن الشراء إنما هو حضر لي باعتبار أني أعرف جودة الأجهزة وأتعامل مع غيره عن شركات ومؤسسات أخرى في السوق ، قمت بشراء الأجهزة بفلوس أخرى غير فلوس الشراء والتي استلمتها من صاحبها بعد التسليم حتى أخرج من بيع مالا أملك حتى أنه إذا قال لي لا أريدها لأي سبب أصبحت ملكي أنا وأبيعها بطريقتي ، أرجو الرد بعد هذا التوضيح ، وآسف جدا للإطالة ومشكورين على الاهتمام .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي ذكرناه لك في الفتوى السابقة من أن تكليف المدير لك باشتراء الأجهزة يعتبر توكيلا منه لك بالقيام بتلك المهمة، ليس معناه أن وظيفتك في المؤسسة تحولت إلى وكالة عنها في اشتراء حاجاتها، وإنما معناه أن تكليفه إياك بتلك المهمة صيرك وكيلا عنه في المهمة التي أسند إليك.
ثم ما أضفته من أنك قمت بشراء الأجهزة بفلوس أخرى غير فلوس الشراء التي استلمتها من صاحبها بعد التسليم، ثم أردت بعد ذلك بيعها للمؤسسة التي وكلتك، هو أيضا عمل غير صحيح؛ لأن أهل العلم لا يجيزون للوكيل أن يبيع من نفسه لموكله ولا أن يشتري منها له، بل ومنهم من منع له أن يبيع أو يشتري ممن لا تقبل شهادته له. قال في نصب الراية -وهو من كتب الحنفية-: (والوكيل بالبيع والشراء لا يجوز له أن يعقد مع أبيه وجده ومن لا تقبل شهادته له عند أبي حنيفة رحمه الله وقال: يجوز بيعه منهم بمثل القيمة إلا من عبده أو مكاتبه) لأن التوكيل مطلق ولا تهمة إذ الأملاك متباينة والمنافع منقطعة بخلاف العبد; لأنه بيع من نفسه لأن ما في يد العبد للمولى...
وفي الدسوقي –وهو من كتب المالكية- عند قول خليل: (ولم يقبض من نفسه) قال: كما إذا وكل على شراء طعام فاشتراه وصار بيده, أو على بيعه فقبضه من الموكل ليبيعه فباعه لأجنبي فيمتنع في الصورتين أن يبيعه لنفسه ولو أذن له موكله ويمتنع أن يقبضه لنفسه أيضا في دين له على موكله ولو بإذنه; لأنه في كلا وجهي بيعه لنفسه وقبضه في دينه يقبض من نفسه لنفسه وليس ممن يتولى الطرفين فقبضه كلا قبض...
وقال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب شرح روض الطالب –وهو شافعي-: (ولا يجوز) بيعه ولا شراؤه (من نفسه وطفله) ونحوه من محاجيره (ولو أذن) له فيه لتضاد غرضي الاسترخاص لهم والاستقصاء للموكل ولأن الأصل عدم جواز اتحاد الموجب والقابل وإن انتفت التهمة، ولأنه لو وكله ليهب من نفسه لم يصح وإن انتفت التهمة لاتحاد الموجب والقابل...
وفي الإقناع- وهو من كتب الحنابلة- جاء ما يلي: ولا يصح بيع وكيل لنفسه ولا شراؤه منها لموكله إلا بإذنه. قال البهوتي في شرحه للإقناع لهذه اللفظة: بأن أذن له في البيع من نفسه أو الشراء منها فيجوز لانتفاء التهمة، فيصح تولي طرفي عقد فيهما.
فقد علمت من هذا العرض لأقوال أهل العلم أن القائل منهم بالجواز لا يقول به إلا عند الإذن، وأن جمهورهم على المنع ولو مع الإذن.
وعليه، فلا نرى أن لك تملك فارق السعر المذكور، وما قمت به أنت من دفع الثمن قبل أن تستلمه من المدير هو إقراض منك له لذلك المبلغ.
والله أعلم.