عنوان الفتوى : الكذب وعلاجه
سيدي، مشكلتي أن زوجتي تكذب أحيانا في أمور أعتبرها جوهرية، مما يؤدي إلى أني أعنفها ضربا، فربما لم أنس إشكالات قديمة قريبة من هذه، ما حدث أخيرا هي كذبة قد تكون تحت ضغط أو خوف أو عدم انتباه ،المهم أني لا أحتمل ذلك . أنا جاهز للتفاصيل إذا رأيتموها ضرورية. شكرا لكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن الكذب خلق ذميم وفعل قبيح، وهو محرم شرعا وطبعا لما يترتب عليه من المفاسد العظيمة عاجلة كانت أو آجلة. والكذب ليس من خلق المؤمن ولا من شانه، كما عند مالك في الموطأ من حديث صفوان بن سليم قال: قيل: يا رسول الله، المؤمن يكون جبانا؟ قال: نعم، قيل: يكون بخيلاً؟ قال: نعم، قيل: يكون كذابا؟ قال: لا. وللبزار وأبي يعلى عن سعد بن أبي وقاص رفعه: يطبع المؤمن على كل خلة غير الخيانة والكذب، وفي الآية قوله تعالى: إِنَّمَا يَفْتَرِي الكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الكَاذِبُونَ {النحل:105} وانظر الفتوى رقم: 1824.
لكن أهل العلم استثنوا من ذلك بعض الحالات التي يجوز فيها الكذب للمصلحة العظيمة فيه، ومن ذلك حديث الرجل لزوجته وحديث المرأة لزوجها، فقد روى أبو داود عن أم كلثوم بنت عقبة قالت: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا أعده كاذبا الرجل يصلح بين الناس ولا يريد به إلا الإصلاح، والرجل يقول في الحرب، والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها. متفق عليه، وانظر الفتوى رقم: 22227.
فإن كان كذب زوجتك من هذا القبيل فلا ينبغي أن تعنفها لكونه مباحا، وأما إن كان في غير ذلك فهو معصية ومنكر، لكن ينبغي مراعاة الحكمة في تغييره، فما كان منه تحت الضغط والخوف أو للمصلحة لا يكون مثل ما كان منه اعتباطا فيراعى ذلك.
وينبغي أن تعلم أن ضرب الزوجة بغير مسوغ شرعي ومصلحة معتبرة من التعدي والظلم وإساءة العشرة، ولذا منعه الإسلام إلا في حالات ضيقة ونادرة جدا فانظرها في الفتويين رقم: 69، 22559.
والله أعلم