عنوان الفتوى : الطلاق المعلق وطلاق الموسوس
قمت بطلاق زوجتي ثلاث مرات على النحو التالي: المرة الأولى بعد الزواج بسنة إثر خلاف قلت لها أنت طالق ثم راجعتها فورا ولم يكن قصدي الطلاق ولكن كسر عنادها. المرة الثانية بعد خمس سنوات تقريبا لا أذكر تفاصيل ذلك الطلاق حيث طلبت منها أن لا تشغل التلفزيون لأنني أريد أن أنام ولا أذكر إن قلت لها إذا شغلت التلفزيون فأنت طالق أو أنت طالق لكن أغلب الظن أنني قلت لها إن شغلت التلفزيون فأنت طالق ثم أرجعتها وبعد ثماني سنوات تقريبا قلت لها أنت طالق وفي هذه المرة كنت أنوي الطلاق، فذهبت للمحكمة الشرعية في رام الله فحولني رئيس القلم للمفتي الذي طلب مني أن أحضر زوجتي فذكرت له ما سبق واستمع للزوجة وأرجعها لي على أنه أسقط الطلقة الثانية وذلك أن الزوجة قالت له إنني كنت غضبانا وكنت أريد أن أنام مع أنني أعرف بأن غضبي لا يخرجني عن طوري وأعي ما أقول. في الطلقه الثالثة كنت مصابا بمرض نفسي ولا زلت وهو الشك ودائما أشك في زوجتي رغم أننا أسرة ملتزمة ومتدينون، فكنت أشك فيها مع إخوتي واليوم أشك فيها مع ابني الذي يحفظ القرآن، وهذا ما يجعلني أزهد فيها رغما عني علما أنني أيضا أحفظ القرأن إلا أن هذا لم يمنع الشك من نفسي، وأنا أخشى الله كثيرا وأخشى عذابه ولكني ضعيف الصبر..لم أرتح لفتوى المفتي لأنني شكاك. وشعرت أنها ضعيفة ولكني اعتمدت على قول ابن تيمية والشوكاني اللذين لا يوقعان الطلاق البدعي حيث في جميع المرات كان الطلاق بدعيا، واعتمادي على قول الشوكاني وابن تيمية ليس لأني صاحب نظر في الأدلة ولكني معجب بآراء هذين العالمين المجتهدين حيث إنني قرأت نيل الأوطار للشوكاني كاملا كما أنني أقرأ كثيرا في الفتاوى لابن تيمية .إلا أنني كلما فترت عن قيام الليل أو حدث لي أمر في الحياه أقول ربما أو أغلب الظن أن حياتي مع زوجتي حرام وهذا عقاب لي. كما أنني أتوقع دائما أن يعاقبني الله بعقاب كبير في الدنيا خوفا من هذا الموضوع, وأصبحت حين أجامع زوجتي أشعر بتعب وفتور فأظن أن ذلك حرام. وحتى أتبع قول الرسول صلى الله عليه وسلم : دع ما يريبك إلى مالا يريبك . وذلك بإنهاء علاقتي بزوجتي حتى أرتاح من كل هذه الشكوك والظنون واتباع الأحوط أقول إن هناك ست أولاد حرام أضيعهم طالما أنه ليس هناك من أفتاني بأنها حرام علي. أطلب فتواكم ونصيحتكم وبارك الله فيكم فضيلة الشيخ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فتفصيل الطلاق الذي حصل منك على النحو التالي :
1ـ أما الطلقة الأولى والثالثة فواقعتان بلا إشكال .
2ـ وأما الطلقة الثانية فهي طلاق معلق لأنك قلت في سؤالك ( لكن أغلب الظن أنني قلت لها إن شغلت التلفزيون فأنت طالق ) وعليه فإن كانت قد شغلت التلفاز فقد وقع الطلاق وإن كانت لم تشغله فلم يقع الطلاق .
وأما الغضب فغير مانع من الطلاق لأنك قلت: (مع أنني أعرف بأن غضبي لا يخرجني عن طوري وأعي ما أقول ) وأنت أعرف بحالك من غيرك، وقد نص العلماء على أن الغضب الذي لا يقع معه الطلاق هو الذي يخرج الإنسان عن وعيه والتصرف في ألفاظه، وأما أخذك بقول الإمام ابن حزم الظاهري وشيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم والقاضي الشوكاني ومن تبعهم ممن ذهبوا إلى عدم وقوع الطلاق البدعي وهو الواقع في حال الحيض أو الطهر المجامع فيه أو النفاس فهو قول له وجهة من النظر، وبه أخذت كثير من المحاكم الإسلامية في هذا العصر، لكن قول الجمهور هو الأقوى دليلا والأبرأ للذمة والأحوط للدين، وقد نقل كثير من أهل العلم الإجماع عليه واعتبر مخالفه شاذا، وقد فصلنا ذلك في الفتاوى التالية : 5584 ، 8507 ، 8297 ، 3073 ، 11566 .
وأما طلاق الموسوس فواقع ما دام مكلفا فإن غلب على أمره فلا يقع طلاقه، قال الإمام الشافعي رحمه الله في كتاب الأم: يقع طلاق من لزمه فرض الصلاة والحدود وذلك كل بالغ من الرجال غير مغلوب على عقله لأنه إنما خوطب بالفرائض من بلغ .. ومن غلب على عقله بفطرة خلقة أو حادث علة لم يكن لاجتلابها على نفسه بمعصية لم يلزمه الطلاق ولا الصلاة ولا الحدود وذلك مثل المعتوه والمجنون والموسوس والمبرسم وكل ذي مرض يغلب على عقله ما كان مغلوبا على عقله فإن ثاب إليه عقله فطلق في حالة تلك أو أتى حدا أقيم عليه ولزمته الفرائض وكذلك المجنون يجن ويفيق فإذا طلق في حال جنونه لم يلزمه وإذا طلق في حال إفاقته لزمه . انتهى .
والله أعلم .