عنوان الفتوى : وسائل تجنب الإسراف ورمي الطعام
أنا رجل متزوج ولي أولاد، وزوجتي من الزوجات الطائعات وتحافظ على صلاتها وتصوم وهي أيضا منتقبة، ولكن بها عيب خطير وهو أنها تترك الكثير من الطعام دائما حتى يتعفن ونلقيه بالقمامة، وأنا والحمد لله ميسور الحال، ولكن في كثير من الأحيان يضيق الله علينا معيشتنا، وأنا أشعر أن هذا بسبب ما تفعله زوجتي، وقد نصحتها كثيراً جداً لأكثر من ست سنوات وعاتبتها ونهرتها وعاقبتها، ولكن عندما أؤاخذها فإنها ترجع عما تفعله، ولكن لمدة أيام معدودة ثم تعود لما كانت عليه، ودائما أقول لها اتقي الله وصوني نعمة الله، ولكن لا حياة لمن تنادي، فماذا أفعل معها وأنا أخاف الله وأخشى أن يحاسبني لأنني لا أتخذ ضدها موقفا حازما، فهل أنذرها بالطلاق وإن لم ترجع أطلقها أم ماذا أفعل، علما بأنني سعيد معها جداً في سائر أمور حياتنا؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يبسط عليكم نعمته ويزيدكم من فضله ويرزقكم ذكر ذلك إنه سميع مجيب، وأما ما سألت عنه.. فما كان من الطعام صالحاً غير تالف فلا يجوز رميه، إلا إذا خشي حصول ضرر باستعماله، أو كانت النفوس تعافه وترغب عنه، فليصرف حينئذ للحيوان الداجن، فإن لم يوجد فنرجو أن لا يكون برميه بأس، ويمكن معالجة الأمر بمنع أسبابه وذلك بأن تحذر من الإسراف، وهو الإنفاق من غير اعتدال، ووضع المال في غير موضعه، كما قال ابن عابدين: إن الإسراف: صرف الشيء فيما ينبغي زائداً على ما ينبغي، والتبذير: صرف الشيء فيما لا ينبغي.
قال الله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا {الفرقان:67}، فلا يطبخ المرء إلا على قدر حاجته، ويمكن ضبط ذلك بملاحظة العادة والتجربة فلا يبقى زائد حينئذ، وإذا افترضنا بقاءه فالمسؤولية مشتركة حينئذ بينكما ولا ينبغي تحمليها للزوجة فحسب، بل تتعاونان على حفظ ما يبقى أو تصرفانه إلى الفقراء والمساكين، وإن قصرت هي في بعض ذلك أحياناً فلتقم أنت مكانها بما ينبغي وحينئذ يحصل التكامل، وأما تهديدها بالطلاق أو غيره، فلا ينبغي لأن ذلك قد يهدم كيان الأسرة وهو ما يتمناه الشيطان ويعمل لأجله.
فننصحك بمساعدة زوجتك في شأن البيت والخدمة أسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج البخاري في صحيحه بسنده عن الأسود قال: سألت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله، تعني خدمة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة. قال ابن حجر في فتح الباري: وقد وقع مفسراً في الشمائل للترمذي من طريق عمرة عن عائشة بلفظ: ما كان إلا بشراً من البشر يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه. ولأحمد وابن حبان من رواية عروة عنها: يخيط ثوبه ويخصف نعله، وزاد ابن حبان: ويرقع دلوه، زاد الحاكم في الإكليل: ولا رأيته ضرب بيده امرأة ولا خادماً.
وقال المناوي في فيض القدير: وفيه ندب خدمة الإنسان نفسه وأن ذلك لا يخل بمنصبه وإن جلَّ.
فتعاونا على ذلك وتعاهدا ما يبقى فذلك من شكر النعمة، وقد تعهد الله للشاكرين بالمزيد، كما في قوله: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ {إبراهيم:7}.
والله أعلم.