عنوان الفتوى : تحريم الإعانة على أي محرم بأي وجه
أنا شاب أقطن في لندن مع زوجتي و لدينا بنتان أعمل في شركة لتوزيع البريد وعملي يتطلب مني توزيع منشورات و رسائل لحوالي 80 إلى 100 مؤسسة , من بينها (بنوك , محلات و صيدليات) , و من بينهم أيضا بعض مراكز القمار ,فمؤسستنا تعمل على توزيع أوراق إدارية من بينها أوراق تستعمل للقمار و منشورات للإشهار الخاصة لمراكز القمار. سؤالي هو : هل العمل الذي أقوم به حلال أم حرام؟ هل المال الذي ادخرته من عملي هذا حلال أم حرام؟ جزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم وفقك الله أن الوسائل لها أحكام المقاصد في شريعتنا الغراء، فكل وسيلة موصلة إلى محرم ومعصية فهي محرمة، والله جل وعلا يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}
ولهذا حرم على المسلم أن يعاون على أي محرم بأي وجه من وجوه الإعانة، ومعلوم أن الأوراق التي تستعمل للقمار ومنشورات الإشهار الخاصة لمراكز القمار التي تقوم بتوصيلها إلى هذه المراكز وكذلك رسائل البنوك إعانة واضحة لهم على ممارسة النشاط المحرم، والأجر المأخوذ على توصيل هذه الرسائل حرام، فإذا كنت تستطيع في عملك أن تمتنع عن توصيل هذه الرسائل وتقتصر على المباح فابق في عملك، وإلا، وجب عليك ترك هذا العمل إلا إذا كنت مضطرا إلى العمل فيه بحيث إذا تركته لم تجد ما تأكل أو ما تشرب أو ما تسكن ونحو ذلك من الضروريات لك ولمن تعول، فإذا كنت مضطرا على هذا النحو جاز لك العمل حتى تجد عملا آخر تندفع به ضرورياتك. والأصل في ذلك قوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119} علما بأن الجزء المحرم من الأجر يجب أن يصرف في مصالح المسلمين كإعانة الفقراء والمساكين وبناء المدارس الإسلامية الخيرية ونحو ذلك، وهذا الجزء يتم تحديده بناء على نسبة المحرم من العمل، فإذا كانت نسبة أوراق الميسر وما في معناه الثلث أو الربع مثلا وجب التخلص مما يعادل تلك النسبة من الراتب، ونعيد التأكيد على حرمة البقاء في هذا العمل إذا كنت غير مضطر إليه.
والله أعلم.