عنوان الفتوى : أساليب إقامة الدولة الإسلامية متنوعة
قرأنا في السيرة أن الرسول عندما أقام دولة المسلمين الأولى في المدينة أقامها على ثلاث مراحل آخرها طلب النصرة حيث طلبها من ثلاث عشرة قبيلة . هل إصراره على طلب النصرة ثلاث عشرة مرة تفيد الوجوب (حكم شرعي )؟ أم هي طريقة كانت متوفرة في ذلك العصر لم يتوفر له غيرها فكررها لذلك ؟ أم هي من مقتضيات العصر آنذاك ؟ وهل كل شيء كرره الرسول يصح أن يكون حكما شرعيا بمعنى كان الرسول يسافر على ناقته القصواء مرات كثيرة كثيرة ، إلا أن السفر على الناقة(حسب فهمي) ليس حكما شرعيا إذ لا يلزمنا أن نسافر على الإبل في عصر الطائرة (التطور الباهر) . وعليه هل طريقة الرسول –صلى الله عليه وسلم – في إقامة الدولة طريقة ملزمة ؟ أم هي مختلفة باختلاف الظروف والتطورات كما هو الحال في السفر ؟ (أرجو منكم إجابة مفصلة في هذا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأفعال النبي صلى الله عليه وسلم ليست كلها تشريعا، بل قسمها أهل الأصول باعتبار التشريع والجبلة إلى ثلاثة أقسام: قسم متمحض للتشريع، وقسم متمحض للجبلة وهو ما اقتضته طبيعته البشرية، كالأكل والشرب والقيام والقعود.. وقسم محتمل للتشريع والجبلة وهذا مختلف فيه بين أهل العلم للاحتمالين.
قال صاحب المراقي في ألفية الأصول:
وفعله المركوز في الجبلـــــه * كالأكل والشرب فليس مله
من غير لمح الوصف والذي احتمل * شرعا ففيه قل تردد حصل
فالحج راكبا عليه يجـــــري * كضجعة بعد صلاة الفجـر.
ومن هذا تعلم أن الواجب على المسلمين هو أن يقيموا دولة إسلامية تطبق شرع الله في أرضه، ويقام بها العدل والقسط بين الناس، ويمكن في ظلها للدعاة إلى الله تعالى أن يدعوا الناس إلى الله تعالى، ويأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر.
وأما الوسائل لإقامتها فإنها متعددة الجوانب، وتختلف باختلاف الزمان والمكان والأشخاص، فقد تصلح وسيلة ما في زمان أو مكان معينين وتكون غير صالحة في أزمنة أو أمكنة أخرى، وربما تتاح لشخص وسيلة غير متاحة لغيره.