عنوان الفتوى : بيع المأكولات للعصاة والكفار
أنا أعيش في المملكة المتحدة، وهناك أمر أود أن تفتوني فيه إن أمكن ...يوجد لدينا وكما هو في بلداننا العربية ما يسمى بمحلات الوجبات السريعة التي تبيع الساندوتشات والكباب وغيره. وهناك عدد من المسلمين الذين يمتلكون مثل هذه المحال، وفي الحقيقة فإنهم يبيعون اللحم الحلال ولذلك فإن هذا ليس موضع سؤالي. بل سؤالي يذهب إلى أمر آخر ،وهوأن هذه المحال(وأخص منه محال الكباب أو ما نسميهtake away shop)، تفتح أبوابها من الساعة الرابعة مساء وحتى الساعة الثالثة إلى الرابعة صباحا، ومنذ الساعات الأولى من عملها وحتى ما بعد الحادية عشرة ليلا يكون بيعها قليل جدا جدا، ثم يبدأ البيع يرتفع ليصل إلى أعلى مستوياته ما بين الساعة الثانية والثالثة فجرا وذلك بفضل الزبائن الخارجين للتو من الخمارات (البارات) والنوادي الليلة الذين يكونون مخمورين يبحثون عن شيء يأكلونه وتاكسي ينقلهم لبيوتهم. فأصحاب هذه المحلات يعرفون أن الغالبية العظمى من زبائنهم هم من السكارى الذين قضوا ليلتهم في اللهو والرقص والخمر والمنكرات، الباحثين عن لقمة يأكلونها بعد فعلهم لكل ما فعلوه. حتى إن منهم من يترنح ويتقيأ من شدة الخمر. فيدخل لدكان الكباب ليطلب ما يشتهي من مأكل ويدفع مقابله وقد يأكله في الدكان نفسها أو يأخذه معه ليأكله أينما شاء. حتى أن كثيرا من أصحاب تلك المحلات يتقصد ويتعمد إنشاء محله بجانب الخمارة أو النادي الليلي لضمان العدد المرتفع من الزبائن رواد تلك الأماكن السكارى. فهل إنشاء مثل تلك المحلات وعملها والعمل بها حلال أم حرام؟ وألا يعتبر ما تقوم به تلك المحال هو من باب إعانة للعصاة على عصيانهم من خلال تسهيل الأمر عليهم بتوفير شيء يأكلونه بعدالجوع الذي يصيبهم من الخمر والرقص والسهر؟ وكذلك ما هو حكم تعمد إنشاء مثل هذا النوع من المحال بجانب الحوانيت والنوادي الليلية ؟ أفتوني جزاكم الله خيرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن معاملة المسلم للكفار والعصاة بالبيع والشراء جائزة في الأصل إن لم يبع لهم شيئا محرما كالخمر والميتة، أو يعاملهم معاملة محرمة كالتعامل بالربا أو القمار ، ويدل لهذا معاملة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته لليهود وهم يعلمون أنهم يأكلون الربا والسحت، فقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير كما في البخاري، وقد استعار من صفوان بن أمية أدرعا وهو لا يزال مشركا، وقد أجر كعب بن عجرة نفسه ليهودي، ولا شك أن التورع عن التعامل مع هؤلاء أحوط ولكنه جائز في الأصل، ويتعين على من علم حالهم أن يسعى في هدايتهم ويستخدم في ذلك ما أمكن من الوسائل المشروعة، فيعير هؤلاء الزبناء بعض الرسائل والأشرطة المفيدة ، وراجع الفتاوى التالية أرقامها : 3545 ، 52614 ، 76270 .
والله أعلم .