عنوان الفتوى : حديث: "إذا انفلتت دابة أحدكم...." لا يثبت.
السلام عليكم ورحمة الله وبعد الى الاخوة في الشبكة الاسلامية فقد رأيت حديثاً صحيحاً والظاهر فيه أنه يجيز الاستغاثة بغير الله والحديث لا أحفظ نصه إلا أنه يقول: إنه إذا تعثرت دابة أحدكم فليقل ياعباد الله احبسوا أوشيئا على هذه الجهة فأنا لا أحفظه وهل هو صحيح وماهو شرحه والحديث الآخر الأعمى الذي جاء إلى النبي فقال له أن يتوجه بجاهه إلى الله . أريد شرح كل هذه الأحاديث وتقولوا لي شرح هذه الأحاديث وأنواعها لكي لاتزعزع عقيدتنا وجزاكم الله خيرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هناك فرقاً بين الاستغاثة بغير الله، وبين التوسل إلى الله سبحانه بأحد من خلقه.
فالاستغاثة من الشرك الأكبر، والتوسل مختلف فيه هل هو بدعة أم لا؟ وللمزيد انظر فتوى رقم 3835.
وأما الحديث المذكور في بداية السؤال فلفظه: "إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله احبسوا علي، يا عباد الله احبسوا علي، فإن لله في الأرض حاضراً سيحبسه عليكم" رواه الطبراني وأبو يعلى في مسنده، وعنه ابن السني في عمل اليوم والليلة، رووه كلهم مرفوعاً من حديث عبد الله بن مسعود، إلا أنه حديث ضعيف لا تقوم به حجة. قال الهيثمي: وفيه معروف بن حسان وهو ضعيف. ونقل ابن علان في شرح أذكار النووي أن الحافظ ابن حجر قال فيه: حديث غريب أخرجه ابن السني والطبراني، وفي السند انقطاع بين ابن بريدة وابن مسعود.
وقال الألباني في السلسلة الضعيفة تحت رقم 655 ضعيف. انتهى.
وأما قول البعض: إنه جربه ونفعه، فإن المشروعات لا تثبت بالتجربة فحسب، وإنما بثبوتها عن الشارع. قال الشوكاني في تحفة الذاكرين: السنة لا تثبت بمجرد التجربة، ولا يخرج الفاعل للشيء معتقداً أنه سنة عن كونه مبتدعاً، وقبول الدعاء لا يدل على أن سبب القبول ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد يجيب الله الدعاء من غير توسل بسنة، وهو أرحم الراحمين، وقد تكون الاستجابة استدراجاً. ومثل الحديث المذكور ما روى الطبراني أيضا عن عتبة بن غزوان عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا أضل أحدكم شيئاً، أو أراد أحدكم غوثاً وهو بأرض ليس بها أنيس، فليقل: يا عباد الله أغيثوني، يا عباد الله أغيثوني، فإن لله عباداً لا نراهم"، وهذا الحديث أيضاً حكم عليه الحافظ ابن حجر بانقطاع إسناده كما في تخريج الأذكار، وقال الألباني في السلسلة الضعيفة تحت حديث رقم 656: ضعيف ثم قال أيضا: ومع أن هذا الحديث ضعيف كالذي قبله، فليس فيه دليل على جواز الاستغاثة بالموتى من الأولياء الصالحين لأنهما صريحان بأن المقصود بـ عباد الله فيهما خلق من غير البشر، بدليل قوله في الحديث الأول: "فإن لله في الأرض حاضراً سيحبسه عليكم"، وقوله في هذا الحديث: "فإن لله عباداً لا نراهم"، وهذا الوصف إنما ينطبق على الملائكة، أو الجن، لأنهم الذين لا نراهم عادة، وقد جاء في حديث آخر تعيين أنهم طائفة من الملائكة، أخرجه البزار عن ابن عباس بلفظ: "إن لله تعالى ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، فإذا أصابت أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله أعينوني" قال الحافظ كما في شرح ابن علان: هذا حديث حسن الإسناد غريب جداً... قلت: ورواه البيهقي في الشعب موقوفاً كما يأتي. فهذا الحديث إذا صح يعين أن المراد بقوله في الحديث الأول: "يا عباد الله" إنما هم الملائكة، فلا يجوز أن يلحق بهم المسلمون من الجن أو الإنس ممن يسمونهم برجال الغيب من الأولياء والصالحين، سواء كانوا أحياء أو أمواتا، فإن الاستغاثة، وطلب العون منهم شرك بَيِّن لأنهم لا يسمعون الدعاء، ولو سمعوا لما استطاعوا الاستجابة، وتحقيق الرغبة، وهذا صريح في آيات كثيرة منها قوله تبارك وتعالى: (والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير) [فاطر: 13-14]. انتهى.
وقد رجح بعد ذلك الألباني أن الحديث الذي يعيين أنهم طائفة من الملائكة أنه حديث معلول، والأرجح أنه موقوف، وليس هو من الأحاديث التي يمكن القطع بأنها في حكم المرفوع.
وأما حديث الأعمى فهو حديث صحيح، وهو في التوسل، وقد سبق جواب فيه برقم: 3835، 4412.
والله أعلم.