عنوان الفتوى : السنة صنع الطعام لأهل الميت، لا أن يصنعوه وينشغلوا به
أرجو منكم إفادتي بما يأتي: أمرنا بأن نصنع الطعام لمن مات له ميت ونلح عليه بالأكل لكي لا يضعف لحزنه الشديد على المصيبة التي أصابته كما جاء ذلكم في نعي جعفر بن أبي طالب ، فسؤالي إذا عكسنا الأمر فيصنع أهل الميت طعاما ثم يدعون جماعة ليقرؤوا شيئا من القرآن والأذكار ويهدوا ثواب ذلكم للميت ثم يأكلوا منه في بيته، فهل هذا يجوز ومطلوب شرعا كما ورد في الحديث المبين أدناه ؟ { خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على القبر يوصي الحافر أوسع من قبل رجليه أوسع من قبل رأسه فلما رجع استقبله داعي امرأة فجاء وجيء بالطعام فوضع يده ثم وضع القوم فأكلوا فنظر آباؤنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوك لقمة في فمه ثم قال أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها فأرسلت المرأة يا رسول الله إني أرسلت إلى البقيع يشتري لي شاة فلم أجد فأرسلت إلى امرأته فأرسلت إلي بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعميه الأسارى }
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا يشرع لأهل الميت صنع الطعام، ولا دعوة جماعة ليقرؤوا شيئا من القرآن والأذكار ويهدوا ثواب ذلك للميت ثم يأكلوا من الطعام المعد.
وكل هذا مخالف للسنة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنه أتاهم أمر يشغلهم. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
فالسنة أن يقدم هذا الطعام لأهل الميت، لا أن يصنعوه وينشغلوا به زيادة على انشغالهم بمصابهم.
وقد قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة. رواه أحمد.
واعتقاد أن هذا العمل ينفع الميت اعتقاد غير صحيح، لأن النياحة مما يتأذى به الميت، وإذا كان هذا الطعام يصنع من مال الورثة وفيهم قصر، أو من لا تطيب نفسه بحقه فيه فإن فيه منكرا آخر، وهو الاعتداء على حقهم.
ولا يشرع قراءة القرآن للميت على الوجه الوارد في السؤال لأنه عمل محدث لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، ولو كان خيرا لسبقونا إليه.
وأما الحديث فلا دلالة فيه على جواز صنع أهل الميت الطعام والدعوة إليه لأنه لم يقل أحد أن الداعي كان أهل ذلك الميت، ولم يستدل به أحد فيما نعلم على ذلك، وإنما وقع خطأ في رواية الحديث بيناها في الفتوى رقم: 76358.
والله أعلم