عنوان الفتوى : المال الذي استغرقه الدين لا زكاة فيه
لدي مبلغ معين مستثمر وعلي ديون للدولة ولمؤسسة تجارية تدفع بأقساط شهرية والديون أكثر من المبلغ المستثمر فهل تجب الزكاة على المبلغ المستثمر ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أن الدين يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة، وهي: الذهب، والفضة، والنقود، وعروض التجارة.
وهذا مذهب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي في القديم، وأحمد.
فإذا كان الدين يستغرق النصاب أو ينقصه، فلا زكاة في هذه الأموال، وذهب الشافعي في الجديد من قوليه إلى أن الدين لا يمنع وجوب الزكاة. والراجح ما ذهب إليه الجمهور لأدلة معلومة مذكورة في كتب الفقه، منها: ما رواه أبو عبيد في (الأموال) أن عثمان -رضي الله عنه- كان يقول: هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دين فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم.
وفي رواية: فمن كان عليه دين فليقض دينه، وليترك بقية ماله. وقد قال ذلك بمحضر من الصحابة فلم ينكروه، فدل على اتفاقهم عليه، كما يقول ابن قدامة -رحمه الله- في المغني (2/630).
فإذا كان الدين لا ينقص النصاب حسم من مال الزكاة بقدره، وزكي الباقي. ومعلوم أنه لا تجب الزكاة في المال حتى يبلغ النصاب، ويحول عليه الحول، وبناءً على ما تقدم نقول -للسائل الكريم- إذا كانت الديون أكثر من المبلغ المستثمر، فلا زكاة عليك فيه، إلا إذا كان عندك مال آخر لا تجب فيه الزكاة فائض عن حوائجك الأساسية، فاجعله في مقابل الدين، ليسلم المال الزكوي فتخرج زكاته.
والمقصود بالأموال التي لا تجب فيها الزكاة: أن يكون لديك من السيارات، أو الأبنية، أو الأمتعة ما يفضل عن حاجتك الأساسية، فإذا كانت هذه الأموال غير الزكوية تكفي لسداد الدين، وجبت الزكاة في المبلغ المستثمر، وكذا إذا كانت تفي لسداد بعضه وهو بالغ النصاب، وإن لم توجد أموال أخرى أو وجدت، ولكنها لا تفي لسداد ما يبلغ النصاب، فلا زكاة عليك. والله أعلم.