عنوان الفتوى : حكم طلاق الثلاث بلفظ واحد

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

الرسالة الثانية في هذه الحلقة وردت إلى البرنامج من السائل آدم عبد الله أبكر من نجامينا بجمهورية تشاد، يقول في رسالته: ما الحكم في ثلاث طلقات في كلمة واحدة، هل تقع واحدة أم ثلاثاً؟ play   max volume  

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الجواب: هذا الطلاق بالوصف المذكور فيه خلاف بين أهل العلم، الجمهور من أهل العلم، والأئمة الأربعة يقولون: إن الطلاق بالثلاث ولو بكلمة واحدة يقع، فإذا قال لزوجته: أنت طالق بالثلاث أو مطلقة بالثلاث، أو قال: هي طالق بالثلاث، يعني: زوجته طلق عند الأكثرين من أهل العلم، وحرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، وذهب جماعة من العلماء: إلى أنه لا يقع بذلك إلا واحدة، إذا كان الطلاق بلفظ واحد، بأن قال: هي مطلقة بالثلاث، أو أنت طالقة بالثلاث، أو مطلقة بالثلاث، ذهب جمع من أهل العلم: إلى أن هذا الطلاق لا يقع إلا واحدة رجعية، وله مراجعتها ما دامت في العدة، روي هذا عن ابن عباس في رواية صحيحة عنه، وجاء عنه خلاف ذلك، وروي هذا عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وقال به جماعة من التابعين، واختاره محمد بن إسحاق صاحب السيرة وآخرون وأفتى به أبو العباس ابن تيمية الإمام المشهور -رحمه الله-، وأفتى به أيضاً تلميذه العلامة المحقق ابن القيم رحمه الله، وهذا هو الذي أفتي به لما فيه من التيسير على المسلمين والتسهيل، والأصل في هذا ما ثبت عنه ﷺ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان الطلاق على عهد النبي ﷺوعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر رضي الله عنهما طلاق الثلاث واحدة، فلما كان عمر قال: إن الناس قد استعجلوا في شيء كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم ، خرجه مسلم في الصحيح.
وروى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله بإسناد جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن أبا ركانة طلق امرأته ثلاثاً فحزن عليها، فردها عليه النبي ﷺ وقال: إنها واحدة، والظاهر أنه طلقها ثلاثاً يعني: بكلمة واحدة، هذا هو الظاهر من الحديثين، وهذا هو المعتمد وهو الذي أفتي به كما تقدم، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الثلاث ولو متفرقة لا يقع منها إلا واحدة، واختاره أبو العباس ابن تيمية رحمه الله، فإذا قال: طالق وطالق وطالق، أو طالق ثم طالق ثم طالق لا يقع إلا واحدة، ولكن الذي ظهر لي من كلام أهل العلم ومن كلام ابن عباس في الرواية التي أفتى فيها بأنها واحدة، أن جعلها واحدة إنما يختص بما إذا تلفظ بالثلاث بلفظ واحد.
أما إذا كرر الطلاق فإنه يقع، إذا كرره على وجه يغاير فيه الثاني الأول، والثالث الثاني، كأن يقول: طالق، ثم طالق، ثم طالق، أو طالق وطالق وطالق، هذا تقع الثلاث على المعتمد وهو الذي عليه جمهور أهل العلم، ومثله لو قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، فإنها جمل ثلاث تامة فيقع بها الطلاق، إلا إذا أراد بالثانية والثالثة التأكيد، أو إفهام المرأة فله نيته، أما إذا قال: أنت طالق طالق طالق بغير واو ولا ثم ولا إعادة المبتدأ بل قال: أنت طالق طالق طالق، أو أنت مطلقة مطلقة مطلقة، فهذا ذكر فيه أهل العلم: أنه لا يقع به إلا واحدة؛ لأن الكلمة الثانية المعادة والثالثة بدون إعادة الجملة وبدون إعادة المبتدأ لا تقع إلا مؤكدة، أنت طالق طالق طالق، أنت مطلقة مطلقة مطلقة، أو هي مطلقة مطلقة مطلقة، وليس له نية الثلاث، فهذا الصواب فيه أنه يعتبر واحدة، حتى عند من أوقع الثلاث بكلمة واحدة؛ لأن هذا لم يقصد الثلاث وإنما كرر اللفظ لغضبه أو لأسباب أخرى لم يقصد به إيقاع الطلاق، فهذا يعتبر واحدة، كما لو قال: زيد زيد زيد في الكلام، مثل ما جاء في حديث عائشة: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل، مثل هذا يستعمل للتأكيد، فالصواب في هذا أنه يحكم بأنه واحدة ويكون اللفظ الثاني والثالث مؤكد للفظ الأول، ولا يقع بهما شيء كما نص على هذا جمع من أهل العلم في باب ما يختلف به عدد الطلاق، وأعيد الجملة هذه حتى تفهم هي أن يقال: طالق طالق طالق، أو يقول: مطلقة مطلقة مطلقة، هذا هو محل جعلها واحدة، ويكون اللفظ الثاني والثالث مؤكدين للفظ الأول، وهذا هو الصواب كما نص عليه جمع من أهل العلم، وأما إذا كرر بالجمل أو بحروف العطف هذا يقع، طالق ثم طالق ثم طالق، تقع الثلاث عند الجمهور وهو الأظهر من الأدلة، أو طالقة وطالقة وطالقة تقع بها الثلاث، وهكذا لو قال: أنت طالق أنت طالق أنت طالق، أو أنت مطلقة أنت مطلقة أو أنت مطلقة، فهكذا تكرار الجمل، أو تراك طالق تراك طالق تراك طلاق، هذا يقع به الثلاث إلا إذا نوى التأكيد بالثانية والثلاثة في قوله: أنت طلاق أنت طالق أنت طالق، أو تراك طالق تراك طالق تراك طالق؛ لأنها جمل فإن نوى بها التأكيد والإفهام وإلا وقعت الثلاث، والله ولي التوفيق. نعم.