عنوان الفتوى : انتفاع الورثة الفقراء بالفوائد الربوية
أنا أم كانت لي بنت وولد، قام زوجي بوضع عشرة آلاف جنيه لكل منهما؛ وفي مرض موته رزقني الله بابنة ثم توفاه الله، فحاولت سحب المبلغ و وضعه في مصرف إسلامي فلم أتمكن والآن معاش زوجي لا يكفي احتياجاتنا الأساسية لأن أبنائي في مراحل التعليم المختلفة، وأنا الآن أقوم بوضع جزء من العائد السنوي للمبلغ المودع في البنك باسم البنت الأخيرة والجزء الآخر من العائد السنوي أستعين به على المعيشة مع العلم أني أقبل الصدقة. فما حكم وضع جزء من الفوائد باسم الابنة الأخيرة. و ما حكم أخذ الجزء الآخر للاستعانة على المعيشة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن هذه الهبة التي أعطاها الأب لكل من ابنه وابنته، إذا حازاها هما أو حازها لهما وكيل عنهما قبل مرضه فهي ملك لهما، طالما أنه لم يكن له من الولد حين الهبة غيرهما.
وأما إذا لم تتم الحيازة قبل المرض الذي توفي فيه فإنها تبطل ويرجع المال الموصى به تركة يستوي فيه جميع الورثة.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإنه لا يجوز للمسلم أن يستثمر أمواله في البنوك الربوية أصلا، ومن فعل ذلك فهو مراب مرتكب ما حرم الله تعالى معرض نفسه لمحاربة الله تعالى وسخطه ولعنته. وأدلة ذلك كثيرة جلية من الكتاب والسنة. ويجب على من فعله أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا ويقلع عن الربا والتعامل به، فإن تاب فله رأس ماله فقط لقوله تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 279}.
وما آل إلى الورثة من الفوائد الربوية فلا حق لهم فيه، إذ هو ليس من التركة بيقين، لأنه مال عُلمت حرمته، فوجب اجتنابه، وعليهم أن ينفقوه في أوجه الخير وسبل المنافع العامة ونحو ذلك.
ولكن بما أن الورثة المذكورين فقراء، وقد ذكرت أن معاش زوجك لا يكفي احتياجاتكم الأساسية، فهم كغيرهم من الناس في إمكان الانتفاع بهذه الفوائد لأنهم لم يكتسبوها بأنفسهم، فكانوا كغيرهم من أهل استحقاقها.
والواجب أن تسحب تلك الأموال عن البنك الربوي متى أمكن ذلك.
وقد علمت مما ذكر جواب سؤالك الآخير وجزء كبير من سؤالك الأول.
وبقي أن نضيف فقط أنه ليس من حقك أن تأخذي شيئا من ممتلكات الابن والبنت الكبيرين لتودعيه باسم البنت الصغرى. وأما ما كان لها هي أو لك أنت فلا مانع من إيداعه في بنك إسلامي باسمها هي.
ثم إننا ننبه السائلة إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.