عنوان الفتوى : طريق النصر على الشيطان والهوى
أنا شاب في التاسعة عشر من عمري ومسلم والحمد لله، ولكني غير ملتزم بجميع أمور الدين، مثل الصلاة حيث إنني أصلي يوما وأقطع عشرة، وكما أنني أعاني من عادة الاستمناء التي رافقتني منذ سبع سنوات، وأنا أنوي الإنابة إلى الله سبحانه وتعالى والتوبة إليه، لكنني لا أستطيع إذ سرعان ما يشدني الشيطان إليه ويمنعني من العودة، علماً بأنني أحرص على أن أظل ملتزماً بأخلاقي وأدبي مع الناس الذين حولي، وكما أنني من مستمعي الأغاني، ولكن ليس جميعها بل البعض منها التي لا أجد فيها الكلام الفاحش أو الموسيقى المؤذية للمشاعر، الرجاء المساعدة بأقرب وقت ممكن لأنني تائه ومحتار في أمري ولا أعرف ما أريده من هذه الحياة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين جميعاً، وأن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى ويحفظنا وإياك مما يسخطه سبحانه وتعالى، واعلم أن الصلاة أمرها عظيم عند الله تعالى، ومكانتها كبيرة في الدين لا يخفي ذلك على أي مسلم: قال تعالى: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ {البقرة:238}، وقال تعالى: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103}، وقال تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}، وقال صلى الله عليه وسلم: ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة. كما في السنن وصحيح ابن حبان.
وقال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه.
وفي سنن ابن ماجه وغيره عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولا تترك صلاة مكتوبة، فمن تركها متعمدا فقد برئت منه الذمة.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة. وقال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون من الأعمال شيئاً تركه كفر إلا الصلاة، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: من لم يصل فهو كافر. رواه ابن عبد البر في التمهيد، ولا يخفى أن هذه العقوبة لمن ترك الصلاة بالكلية، أما من يصليها لكنه يتكاسل في أدائها، ويؤخرها عن وقتها، فقد توعده الله بالويل، فقال: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5}، ونقول للسائل: لم لا تصلي؟ ألا تخاف من الله؟ ألا تخشى الموت؟
أما تعلم أن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر. رواه الترمذي وحسنه، وأبو داود والنسائي.
وماذا يكون جوابك لربك حين يسألك عن الصلاة؟
ألا تعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أمته يوم القيامة بالغرة والتحجيل من أثر الوضوء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن أمتي يدعون القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء. رواه البخاري ومسلم. و(الغرة) بياض الوجه، و(التحجيل) بياض في اليدين والرجلين.
كيف بالمرء حينما يأتي يوم القيامة، وليس عنده هذه العلامة، وهي من خصائص الأمة المحمدية، بل لقد وصف الله أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم بأنهم: سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ {الفتح:29}، وقد تكلم العلماء باستفاضة عن عقوبة تارك الصلاة، كما في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيتمي.
فعليك أخي الكريم -أن تتدبر الآيات وتتفحص تلك الأحاديث وأنت موقن مصدق، وداوم على التضرع إلى الله تعالى أن يلهمك رشدك، ويعينك على نفسك, ويوفقك للقيام بما افترضه عليك، والابتعاد عما يسخطه.
وأما الأغاني فإن كانت مصحوبة بالموسيقى والمعازف فهي محرمة، وقد سبق أن بينا أدلة ذلك ونقلنا كلام العلماء فيه في الفتاوى التالية أرقامها: 66001، 54316، 35708، 26409.
وراجع في العادة السرية الفتوى رقم: 7170، والفتوى رقم: 52421، والفتوى رقم: 23868 مع إحالاتها، وراجع في الانتصار على الشيطان والهوى الفتاوى التالية أرقامها: 33860، 57544، 62833، 66041، 68468.
والله أعلم.