عنوان الفتوى : شبهات حول فتوى تحريم الاستمناء
يا أخي أنتم تدبجون هنا عدة فتاوى عن العادة السرية وتحريمها وضررها بدون دليل من ( السنة ) ولا دليل من(الطب) فلا يوجد حديث من السنة بحرمتها ورسول الله صلى الله عليه وسلم لاشك قرر بوحي كريم أن الصوم هو مانع لكن يا أخي ليس هو جامع مانع فمن الناس من يزداد شبقه بالصوم مهما صام فهذه نفوس تختلف كما خلقها الله وقد أقر علماء النفس وأنتم لاتعترفون بهم ولاتحترمون علومهم وهذا مأخذ نأخذه عليكم أقول أقروا أن من شروط الصحة النفسية لمن ليس له أو لها شريك أن تمارس العادة السرية لطرد الشهوة والشبق وإلا فاحتباسها فيه ضرر نفسي واجتماعي علاوة على أنكم قررتم من غير علم ولابرهان أنها تضر بالصحة الجسميةالبدنية وهذا خطأ ولم يثبته أحد والحرمة التي ذكرتموها في بعض الأقوال والمذاهب هي بسبب ظن العلماء بأن ممارسها يوجد لديه البديل ولايستخدمه فالرجاء الوعي وفتح العقل لأسباب تحريم أولئك الفقهاء الأجلاء وقد سألنا عن تحريم السنة لتلك العادة صراحة للشيخ المرحوم بإذن الله ناصر الدين الألباني فأفاد بأنه ليس في السنة تحريم صريح وواضح لذلك وأنكر حديث ناكح يده وكذبه والله تعالى عندما قال فمن ابتغى وراء ذلك فهم العادون نرجح أنه لم يقصد إلا الزنى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اعتمدنا في القول بتحريم العادة السرية على ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وقد استدل هؤلاء العلماء الذين لا يحصون كثرة بقوله تعالى: ( والذين هم لفروجهم حافظون*إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين*فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) وقد سار على القول بالتحريم والاستدلال بهذه الآية المباركة جمع من علماء العصر كالشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله، والشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، والشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله، وغيرهم.
وأما عدم صحة الحديث الوارد فيه، فهذا ما قررناه في الفتوى رقم: 10353 وما نسبته إلينا من أننا لا نعترف بعلماء النفس، ولا نحترم علومهم غير صحيح، فإن علماء النفس قد جاؤوا بأمور نافعة لا حرج في الاستفادة منها في تربية الأبناء، والتعامل مع المدعوين، ومعالجة الأخطاء، وغير ذلك إذا سلم من الحرام الذي عُلم تحريمه من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد خطا المسلمون خطوات جادة لضبط هذا العلم بالضوابط الشرعية، والاستفادة منه.
وأما الضرر الصحي المترتب على هذه العادة السيئة، فقد بيناه في الفتوى رقم: 7170
وهناك دراسة بعنوان (الانتصار على العادة السرية، وسائل عملية للوقاية والعلاج منها، أعدها: رامي عبد الله خالد عبد الخضر) وذكر فيها جملة من الأضرار التي تنشأ عن ممارسة هذا العمل القبيح.
وذكر الدكتور أنور الحمادي في موقعه على الإنترنت أن لهذه العادة أضراراً كثيرة أهمها: الضعف الجنسي، وضعف الغدد التناسلية وسرعة الإنزال وميلان العضو، كما أنها قد تؤدي إلى العقم عند الإسراف في استعمالها.
وهذا ما ذكره بعينه الدكتور محمد حجازي استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية في موقعه على الإنترنت، ويمكنك الاطلاع على ذلك وغيره من خلال البحث المتقدم عن (أضرار العادة السرية) بموقع www.google.com
وما جاء في نهاية كلامك حول قوله تعالى: (هم العادون) وترجيح أن المقصود به الزنى فقط، مخالف لما عليه جمهور أهل العلم كما سبق، وسياق كلامك قد يفهم منه أن هذا الترجيح هو رأي الشيخ الألباني رحمه الله، والواقع أن الشيخ مع عدم تصحيحه للحديث الوارد في المسألة، إلا أنه قائل بتحريم الاستمناء، وإليك نص كلامه، قال رحمه الله: وأما نحن فنرى أن الحق مع الذين حرموه مستدلين بقوله تعالى: ( والذين هم لفروجهم حافظون*إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين* فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) ولا نقول بجوازه لمن خاف الوقوع في الزنا، إلا إذا استعمل الطب النبوي وهو قوله صلى الله عليه وسلم للشباب في الحديث المعروف الآمر لهم بالزواج: " فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " ولذلك فإننا ننكر أشد الإنكار على الذين يفتون الشباب بجوازه خشية الزنى، دون أن يأمروهم بهذا الطب النبوي الكريم. انتهى من تمام المنة في التعليق على فقه السنة ص:420
والقول بأن الصوم يزيد الشبق عند بعض الناس هو قول من لم يقدر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قدره، وهو ناتج عن الفهم القاصر لحقيقة الصوم، إذ ليس الصوم مجرد الامتناع عن الطعام والشراب والجماع وإنما هو مع ذلك صوم القلب والعين والفم والآذان، كما قال جابر رضي الله عنه: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك سكينة ووقار يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء.
فهذا هو الصوم الذي يهذب النفس، ويكبح جماح الشهوة فيها، ويحسن أن نختم هذا الجواب بنقل كلام العلامة محمد الأمين الشنقيطي في حكم الاستمناء، قال رحمه الله في تفسير الآيات السابقة: (تدل بعمومها على منع الاستمناء باليد المعروف بجلد عميرة، ويقال له: الخضخضة، لأن من تلذذ بيده حتى أنزل منيه بذلك، قد ابتغى وراء ما أحله الله، فهو من العادين بنص هذه الآية الكريمة المذكورة هنا، وفي سورة سأل سائل، وقد ذكر ابن كثير أن الشافعي ومن تبعه استدلوا بهذه الآية على منع الاستمناء باليد، وقال القرطبي قال محمد بن عبد الحكم : سمعت حرملة بن عبد العزيز قال: سألت مالكاً عن الرجل يجلد عميرة؟ فتلا هذه الآية: ( والذين هم لفروجهم حافظون ) إلى قوله ( العادون. )
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي أن استدلال مالك والشافعي وغيرهما من أهل العلم بهذه الآية الكريمة على منع جلد عميرة الذي هو الاستمناء باليد، استدلال صحيح بكتاب الله، يدل عليه ظاهر القرآن، ولم يرد شيء يعارضه من كتاب ولا سنة، وما روي عن الإمام أحمد مع علمه، وجلالته وورعه من إباحة جلد عميرة مستدلاً على ذلك بالقياس قائلاً: هو إخراج فضلة من البدن تدعو الضرورة إلى إخراجها فجاز، قياساً على الفصد والحجامة، كما قال في ذلك بعض الشعراء:
إذا حللت بواد لا أنيس به *فاجلد عميرة لا عار ولا حرج
فهو خلاف الصواب، وإن كان قائله في المنزلة المعروفة التي هو بها، لأنه قياس يخالف ظاهر عموم القرآن، والقياس إن كان كذلك رد بالقادح المسمى: فساد الاعتبار، كما أوضحنا في هذا الكتاب المبارك مراراً، وذكرنا فيه قول صاحب مراقي السعود:
والخلف للنص أو إجماع دعا *فساد الاعتبار كل من وعى
فالله جل وعلا قال: ( والذين هم لفروجهم حافظون ) ولم يستثن من ذلك ألبتة إلا النوعين المذكورين في قوله تعالى: ( إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ) فصرح برفع الملامة في عدم حفظ الفرج عن الزوجة والمملوكة فقط، ثم جاء بصيغة عامة شاملة لغير النوعين المذكورين، دالة على المنع وهي قوله: (فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) وهذا العموم لا شك أنه يتناول بظاهره ناكح يده، وظاهر عموم القرآن لا يجوز العدول عنه، إلا لدليل من كتاب أو سنة يجب الرجوع إليه.
أما القياس المخالف له فهو فاسد الاعتبار كما أوضحنا، والعلم عند الله تعالى. انتهى أضواء البيان 5/525 تفسير سورة المؤمنون.
وقد بينا في الفتوى رقم:
4536 أن مذهب الحنابلة هو تحريم الاستمناء إلا عند الضرورة.
والله أعلم.