عنوان الفتوى : المحنة قد تحمل في طياتها منحة من الله
بسم الله الرحمن الرحيم سأذكر بكل دقة لكم ولا أقصد سوى الحقيقة ولا أسعى إلا للنصيحة، عشت علاقة حب رومانسيه كقصة قيس وليلى وكنت شابا وسيما رياضيا نشيطا وهي كانت آية في الجمال وكان ذلك في العام 1985 أثناء الدراسة الجامعية وحدث بيني وبينها ما يحدث بين الزوجين وحملت وأجهضت واستمرت علاقتنا قوية جدا حتى تنازل أهلنا وتزوجنا شرعا عام 1990 وكانت حياة طيبة أبدينا فيها الندم على ماحصل منا وتبنا وتنقلنا بعدة بلاد للعمل ورزقنا الله طفلين وأعمالا جيدة ودخلا طيبا وربينا الأولاد بشكل جيد دينا وخلقا وسلوكا، وقبل ست سنوات بدأت مشاكل هائلة لأسباب لها علاقه بموضوعنا قبل الزواج ولتدخل أهلها في حياتنا ورفض أهلي لتصرفات زوجتي ثم تنوعت المشاكل لتشمل إسرافها للمال وعدم توقفها عن طلب المزيد علما أنها تعمل وتصرف كل دخلها ثم بدأت تنكر وجودي بالبيت وتفتري بأني لا أنفق عليها وعلى أولادي وبدأ مسلسل الضرب والشتم والنفور، وبدأت تنشز علي وتشتمني وتنعتني بأفحش الكلمات ثم تعود لتحبني كما كنا في الجامعة وتهدأ الأمور ونعيش حياتنا الجنسية واليوميه والتواصل بشكل رائع ثم لا تلبث أن تشتعل المشاكل ثانية وأنا أرفق بها للعشرة الطويله ولحبي لها ومن أجل أولادنا وأقسو أحيانا عندما لا أرى تجاوبا ولكنها ازدادت فحشا في ملابسها وتبرجها بعد أن بلغت ال 40 ونصحتها ووعظتها سنوات ولكنها ازدادت نشوزا وتغيبا عن المنزل لا بل سافرت لأوروبا أسبوعا دون موافقتي وعادت أكثر إصرارا على طلب الطلاق تأتيها رسائل من رجال بعد منتصف الليل ورسائل على التليفزيون وبدأت تنام خارج المنزل أياما ثم تقسم بأغلظ الأيمان انها طاهرة عفيفة وهؤلاء أصدقاء فقط وأنا في حيرة من أمري ويفتك بي العذاب ومنظر أولادي المراهقين الذاهلين ومع ذلك لم أتوقف عن النصح والتذكير بحدود الله وأعدها بكل ما تريد وهي تزداد عنادا ونشوزا حتى وصلت إلى القناعة بالطلاق وإتفقنا على ذلك وذهبت وأنا مستعد نفسيا لمواجهة هذا الموضوع وهي راوغت وتحايلت وتحججت ولم تأت للمحكمة إلا بعد نهاية الدوام فقلت بنفسي لربما أفاقت وتابت ولكن ذلك لم يحصل فقلت لها تنازلي عن حضانة الأولاد فأربيهم تربية إسلامية وأرعاهم كونك مشغولة عنهم بشؤونك الخاصة فاستمرت بشتمي وتهددني وأنها لا تتنازل عن أولادها مقابل كنوز الدنيا وبدأ هذا الوضع البائس يؤثر على عملي وصحتي وهي لا تبالي وتتذكر أخطاء الماضي قبل 20 سنة وتوجه لي الإهانات بالرسائل على الموبايل ثم فوجئت بأنها رفعت علي دعوى خلع بالمحكمة وحاولت ثانية مساومتها على الأولاد ولكنها رفضت فذهبت للمحكمة قبل أسبوع حيث لدينا قضية مفتوحة منذ وقت طويل وطلبها القاضي وتنازلت عن مهرها مقابل الحفاظ على حضانة الأولاد وتم الطلاق بائنا بينونه صغرى وعدت منفطرا قلبي على العشرة الطويلة وفشل مشروع الأسرة بعد أن فعلت كل شيء ولكن دون نتيجة وأخاف على أولادي وعلى ما سيحصل بهم إن إستمرت والدتهم بهذا النشوز العجيب ولا أعرف ماذا أفعل ولكني على يقين أن الله سبحانه وتعالى قد ابتلاني بهذا وأنا أحمده وأشكره وأستغفره وأتوب إليه ، ساعدوني يرحمكم الله نفسيتي متعبة وعقلي مشتت
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننصح الأخ بهذا الدعاء الذي يقال عند المصائب، وهو ما ورد في حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله "إنا لله وإنا إليه راجعون"، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرا منها، إلا أخلف الله له خيرا منها. رواه مسلم.
ومن هذا الدعاء يتبين أن المؤمن يرجو الخير، حتى من المصيبة، ويلتمس الخير حتى من المحنة، والبلية، وفي الحديث: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له. رواه مسلم
بل لا يدري الإنسان أين الخير، فلعل الخير فيما يكرهه، والشر فيما يحبه، كما قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
ولا ينسى المؤمن قول الله عز وجل: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ {الحديد:22}
وقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. رواه الطبراني وغيره. بل إن من أركان الإيمان الإيمان بالقدر خيره وشره.
إن اليأس والإحباط لا يعرف طريقا إلى قلب المؤمن، لأنه يعرف أن ربه الرحيم، الذي هو أرحم به من والدته، قد كتب وقدر له ما يصيبه من المصائب في هذه الدنيا، لحكمة يعلمها سبحانه،قال تعالى: إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ. كما أن المؤمن لا ينسى أن المعاصي والذنوب سبب رئيسي فيما يصيبه من مصائب، وما يلحقه من نكبات، قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ.{ الشورى: 30}، ولذا فهو يتهم نفسه، ويحاسبها، ويتوب إلى الله دائما.
فعلى الأخ أن يتوب إلى الله من جميع الذنوب، ومنها علاقته مع تلك المرأة قبل الزواج، ثم نقول للأخ إن هذه المرأة من خلال ما ذكر من أفعالها، لا تصلح زوجة، فلا يندمن على فراقها، وليبحث عن امرأة صالحة، ذات خلق ودين يتزوجها ويكمل معها ما بقي من حياته، وعليه أن لا يتخلى عن واجبه تجاه أبنائه، وأن يسعى في ضمهم إليه حتى يربيهم تربية صالحة، ويبعدهم عن أمهم التي لا تستحق حضانتهم.
والله أعلم.