عنوان الفتوى : شجاعة عمر رضي الله عنه

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل صحيح أن عمر رضي الله عنه لم يقتل مشركاً واحداً ؟ وإذا كان قد قتل مشركين في المعارك فمن هم هؤلاء ؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فالوقوف على أسماء المشركين الذين قتلهم عمر رضي الله عنه وغيره من الصحابة أمر ‏متعذر، وذلك أن كتب السيرة والتاريخ لا تعنى ببيان أسماء المشركين رجلاً رجلاً، وعلى ‏يد من قتلوا من الصحابة.‏
وغاية الأمر أن تذكر بعض أسماء قتلى المشركين العتاة، أو من جرى في مقتلهم قصة أو ‏حديث، أو خرجوا للمبارزة.‏
ولا يعني المسلم ولا يفيده أن يقف على هذه الأمور، وحسبه أن يعلم أن هؤلاء الصحابة ‏الكرام هم الذين نصر الله بهم الدين وأقام بهم الملة، وأنهم كانوا يبذلون أرواحهم دون ‏روح النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم الغاية في الشجاعة والثبات والإقدام.‏
وعلى رأس هؤلاء أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه الذي "ما سلك وادياً إلا سلك ‏الشيطان وادياً غيره"، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.‏
وقد ضرب مثالاً رائعاً في الشجاعة منذ أسلم رضي الله عنه، قال ابن عباس رضي الله عنه: ‏سألت عمر بن الخطاب لأي شيء سميت الفاروق؟ قال أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام، ثم ‏قص عليه قصة إسلامه، ثم قال: قلت يا رسول الله: ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا؟ ‏قال: بلى، والذي نفسي بيده، إنكم على الحق وإن متم وإن حييتم، قال: قلت: ففيم ‏الاختفاء؟ والذي بعثك بالحق لنخرجن، فخرجنا في صفين، حمزة في أحدهما، وأنا في ‏الآخر، وله كديد ككديد الطحين، حتى دخلنا المسجد، قال: فنظرت إليّ قريش وإلى ‏حمزة، فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاروق ‏يومئذ.
وكان ابن مسعود يقول: ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر.‏
وقال: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر.‏
وقال صهيب: لما أسلم عمر ظهر الإسلام، ودعي إليه علانية، وجلسنا حول البيت حلقاً، ‏وطفنا بالبيت، وانتصفنا ممن غلظ علينا، ورددنا عليه بعض ما يأتي به.‏
وحين أسلم جاء بيت أبي جهل وضرب عليه بابه وقال: جئت لأخبرك أني قد آمنت بالله ‏وبرسوله محمد، وصدقت بما جاء به.‏
وخير ما يدلك على قوة عمر ومنعته وشجاعته في الجاهلية والإسلام قول النبي صلى الله ‏عليه وسلم: " اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن ‏هشام" فكان أحبهما إلى الله عمر رضي الله عنه. رواه الترمذي.‏
وذكر أصحاب السيرة أن علياً رضي الله عنه قال: ما علمت أحداً من المهاجرين هاجر إلا ‏مختفياً، إلا عمر بن الخطاب، فإنه لما همَّ بالهجرة تقلد سيفه، وتنكب قوسه، وانتضى في ‏يده أسهماً، واختصر عنزته، ومضى قِبَلَ الكعبة، والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت ‏سبعاً متمكناً، ثم أتى المقام فصلى ركعتين، ثم وقف على الحِلَق واحدة واحدة، وقال لهم: ‏شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن يُثكل أمه، أو ولده، أو يرمل ‏زوجته فليلقني وراء هذا الوادي.
قال علي رضي الله عنه: فلم يتبعه أحد إلا قوم من ‏المستضعفين علمهم ما أرشدهم إليه، ثم مضى لوجهه.‏
فرضي الله عن عمر وعن سائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.‏
والله أعلم.‏