أرشيف المقالات

المباح: تعريفه، صيغه، أقسامه

مدة قراءة المادة : 9 دقائق .
2المباح: تعريفه، صيغه، أقسامه   المباح لُغَةً: المُعلَن، والمأذُون[1]. واصطلاحًا: هو مَا خُيِّرَ المُكَلَّفُ بَينَ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ، أي: لم يَطلب الشارعُ فعلَه، ولم يَنهَ عنه، وإنما خيَّر المكلَّف بين فعله، وتركِه[2].
حكم المباح: إذا اقترن بفعل المباح أو بتركه نيةٌ حسنةٌ، فإنه يثاب على فعلِه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (المباحُ بالنيةِ الحسنةِ يكون خيرًا، وبالنيةِ السيئةِ يكون شرًّا)[3]. وإذا كان المباح وسيلة إلى مأمورٍ به، أو منهي عنه، فإنه يأخذ حُكم ما كان وسيلة إليه[4].
مثال [1]: المشي إلى الصلاة واجبٌ؛ لأنه وسيلة إلى واجب، والمشي في الأصل مباح. مثال [2]: شراء السواك مستحبٌّ؛ لأنه وسيلة إلى مستحب، والشراء في الأصل مباح.
أسماء المباح: من أسماء المباح: المباح، والحلال، والحِلُّ، والجائز، والطِّلق، والمُطْلَق[5].
صيغ المباح: من الصيغ التي تفيد الإباحة[6]: الأولى: لفظ (أحل). مثال [1]: قول الله تعالى: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ﴾ [البقرة: 187]. مثال [2]: قول الله تعالى: ﴿ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ ﴾ [النساء: 24].
الثانية: لفظ (لا جُناحَ). مثال [1]: قول الله تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [البقرة: 198].
مثال [2]: قول الله تعالى: ﴿ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 233].
مثال [3]: قول الله تعالى: ﴿ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ﴾ [البقرة: 236].
مثال [4]: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ، فِي قَتْلِهِنَّ: الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ))[7].
الثالثة: لفظ (لا حرَج). مثال [1]: قول الله تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ ﴾ [النور: 61].
مثال [2]: قول الرسول صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن النحر قبل الرمي: نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَالَ: ((ارْمِ وَلَا حَرَجَ))، قَالَ آخَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ؟ قَالَ: ((انْحَرْ وَلَا حَرَجَ))، فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إِلَّا قَالَ: ((افْعَلْ وَلَا حَرَجَ))[8].
الرابعة: إقرارُ النبي صلى الله عليه وسلم أحد أصحابه على فعل إذا بلغ ذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم، أو رآه فلم يُنكر فعلَه، ولم يكن فيه أمارةُ الوجوب، أو الاستحباب.
مثال [1]: إقرارُه صلى الله عليه وسلم حسانَ بنَ ثابتٍ رضي الله عنه على إنشاد الشعر في المسجد[9]. مثال [2]: إقرارُه صلى الله عليه وسلم السُّودانَ على اللعب بالحِراب في المسجد[10]. مثال [3]: إقرارُه صلى الله عليه وسلم عزْل الأزواج عن أزواجهم[11].
الخامسة: سكوتُ الشرع عن فعلٍ ما، فلا يطلبه ولا يطلب تركه. قال ابن القيم: (تستفاد الإباحة من: ♦ لفظ الإحلال.
♦ ورفع الجُناح.
♦ والإذن.
♦ والعفو.
♦ وإن شئت فافعل، وإن شئت فلا تفعَل من الامتنان بما في الأعيان من المنافع.
♦ وما يتعلق بها من الأفعال نحو: ﴿ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا ﴾ [النحل: 80]، ونحو: ﴿ وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ﴾ [النحل: 16].
♦ ومن السكوت عن التحريم.

♦ ومن الإقرار على الفعل في زمن الوحي)
[12].
أقسام الإباحة: الإباحة قسمان[13]: أحدهما: إباحة شرعية: هي ما أبيحت بنصٍّ شرعي. مثال [1]: قول الله تعالى: ﴿ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ ﴾ [المائدة: 1]. مثال [2]: قول الله تعالى: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ﴾ [البقرة: 187].
الثاني: إباحة عقلية: هي ما لم يأت فيها دليلٌ يدل على التحريم أو الإباحة، وتسمى بالبراءة الأصلية، وهي بعينها (استصحابُ العدمِ الأصليِّ حتى يَرِدَ دليلٌ ناقلٌ عنه).
مثال [1]: أكل الفواكه والخضرَوات المعروفة. مثال [2]: لُبس جميع أنواع الثياب إلا ما ورد في تحريمه نصٌّ.


[1] انظر: العين، ومقاييس اللغة، مادة «بوح». [2] انظر: التلخيص في أصول الفقه، للجويني (1/ 208)، وروضة الناظر (1/ 194)، والإحكام في أصول الأحكام، للآمدي (1/ 123)، وشرح مختصر الروضة (1/ 386)، وشرح الكوكب المنير (1/ 428). [3] انظر: مجموع الفتاوى (7/ 43). [4] انظر: الموافقات (1/ 179-180). [5] انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 426-430). [6] انظر: بدائع الفوائد (4/ 6)، والمهذب في علم أصول الفقه (1/ 259-260). [7] متفق عليه: رواه البخاري (1828)، ومسلم (1199)، واللفظ له، عن ابن عمر رضي الله عنهما، ولفظ البخاري: «لَا حَرَجَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ». [8] متفق عليه: رواه البخاري (124)، ومسلم (1306)، عن ابن عمرو رضي الله عنهما. [9] صحيح: رواه مسلم (2485)، عن أبي هريرة رضي الله عنه. [10] متفق عليه: رواه البخاري (950)، ومسلم (892)، عن عائشة رضي الله عنها. [11] متفق عليه: رواه البخاري (5209)، ومسلم (1440)، عن جابر رضي الله عنه. [12] انظر: بدائع الفوائد (4/ 6). [13] انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 427-428)، ومذكرة في أصول الفقه، صـ (21).



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣