عنوان الفتوى : بيان ما يجوز ويحرم من الرقى والتمائم
الرسالة التالية وصلت إلى البرنامج من الأخ: محمد أحمد جاد الله سراج سوداني مقيم بالمملكة، يقول في رسالته وفي بدايتها: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سؤالي هو: هنالك بعض الفقهاء عندنا في السودان نسمي الواحد منهم فقي أي فقيه، يكتبون الآيات القرآنية في شكل أوراق صغيرة أو حجاب أو على ألواح من الخشب، وتمحى وتشرب حسب المرض، كما أن الحجاب -مثلاً- ضد السلاح أو حفظاً من الشيطان والعوارض،كما تزعم فئة أخرى وغير مجربة لها بأنها أسحار، كما أن هنالك شهود عيان على هؤلاء الفقهاء قد عالجوا مئات من المجانين ومختلي العقول، وتلبس لهم آلاف الحجب يزعمون بأنها ضد السلاح ما رأيكم في هؤلاء أفيدونا أفادكم الله؟ play max volume
الجواب: هذا الكلام فيه تفصيل، فطالب العلم أو من يسمى فقيهاً إذا كتب آيات من القرآن في ورقة أو صحن بالزعفران أو بالعسل ونحو ذلك حتى يغسلها المريض ويشربها هذا أجازه كثير من أهل العلم وذكره العلامة ابن القيم رحمة الله في زاد المعاد في هدي خير العباد عن جماعة من أهل العلم من السلف، وذكره غيره أيضاً فالأمر فيه واسع وسهل، إذا كتب آيات من القرآن أو دعوات طيبة بالزعفران أو بالعسل ثم غسل وشربه المريض قد ينفع الله بذلك، ولكن أحسن من هذا أن يقرأ على المريض، ينفث عليه بالآيات والدعوات الطيبة يسأل الله له الشفاء هذا أحسن، وإن قرأ في الماء وشربه المريض أو رش عليه به نفع بإذن الله أيضاً.
أما الحجب وهي ما يكتب في أوراق تعلق على المريض، كأن يكتب آيات تعلق على المريض ضد السلاح أو ضد الجن فهذا لا يجوز، وإن أجاز بعض أهل العلم تعليق القرآن.. بعض أهل العلم جاز تعليق الآيات ولكنه قول ضعيف ومرجوح، والصواب: أن الحجب لا يجوز اتخاذها لا من الآيات ولا من غير الآيات، أما من غير الآيات كالعظام والودع والطلاسم والأسماء المجهولة، هذا لا تجوز بغير شك؛ لأن الرسول عليه السلام قال: من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعةً فلا ودع الله له، ومن تعلق تميمةً فقد أشرك ولأنها من أعمال الجاهلية ولأنها تصد القلوب عن الله وتعلقها بغيره، والقلوب يجب أن تعلق بالله وتعتمد عليه، فتعليق هذه التمائم يجعل القلوب تميل إليها وتتعلق بها وترتاح لها وهذا خطر عظيم، فلا يجوز تعليق التمائم وهي الحجب وتسمى الجوامع ولها أسماء عند الناس.
ومن هذا ما ورد في حديث عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه رأى رجلاً في يده حلقة من صفر فقال: ما هذا؟ قال: من الواهنة، فقال له النبي ﷺ: انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً فأخبر النبي ﷺ أن هذه الحلقة التي يعلقها بعض الناس في يده عن مرض يسمى الواهنة لا تزيده إلا وهناً، وأنها منكرة لا تجوز، فهي من جنس التمائم وقد أخذ حذيفة بن اليمان رضي الله عنه الصحابي الجليل على رجل فوجد في يده خيطاً من الحمى فقطعه، سأل عن هذا قال: من أجل الحمى، فقطعه وتلا قوله سبحانه: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ [يوسف:106].
فهذا يدل على أن عمل الصحابة إنكار هذا الشيء والنهي عنه، فلا يجوز لمسلم ولا لمسلمة تعليق هذه التمائم ولا هذه الخيوط والحجب على مريض أو على صبي أو على غيرهما لدفع الجن أو السلاح أو ما أشبه ذلك؛ لأن الرسول نهى عن هذا عليه الصلاة والسلام وبين أن تعليق التمائم لا يجوز، ولم يفصل بين تميمة وتميمة ولم يقل: إلا من القرآن بل عمم، فدل ذلك على أن التمائم كلها من القرآن وغير القرآن ممنوعة؛ لأن الرسول عمم في النهي عليه الصلاة والسلام وهو المشرع وهو أنصح الناس للناس، ولو كان في التمائم شيء مستثنى لاستثناه النبي عليه الصلاة والسلام، ثم أيضاً تعليق التمائم من القرآن وسيلة إلى تعليق التمائم الأخرى، فيلتبس الأمر ويخفى على الناس وتنتشر التمائم الشركية وسد الذرائع من أهم المهمات للشريعة الإسلامية. فوجب منع التمائم كلها عملاً بعموم الأحاديث وسداً لذرائع الشرك، وحماية للأمة مما يفسد عقيدتها ويسبب غضب الله عليها سبحانه وتعالى نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
المقدم: أحسن الله إليكم.