عنوان الفتوى : حكم ركوب البحر على وجه المخاطرة بالنفس
ما حكم الذي يسافر في القوارب غير الشراعية ويخاطر بحياته أمام أمواج البحر؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد امتن الله على عباده في غير ما آية من كتاب الله بأن يسر لهم ركوب البحر، فقال سبحانه: (هو الذي يسيركم في البر والبحر) [يونس: 22].
وقال: (والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس) [البقرة: 164].
وقال العلماء: في الآية دلالة على إباحة ركوب البحر غازياً وتاجراً ومبتغياً لسائر المنافع، إذ لم يخص منفعة من المنافع دون غيرها، وهذه الإباحة مقيدة بما إذا كان الركوب على وجه غالبه السلامة، بحيث يكون البحر ـ حال الركوب ـ هادئاً، والمركب صالحاً، فإن كان البحر هائجاً حال الركوب، أو غلب على ظن أهل الخبرة هيجانه أثناء الإبحار، حرم ركوبه لما فيه من التغرير بالنفس، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من بات فوق إجَّار أو فوق بيت ليس حوله شيء يرد رجله فقد برئت منه الذمة، ومن ركب البحر بعدما يرتج فقد برئت منه الذمة" رواه أحمد مرفوعاً وموقوفاً وكلاهما رجاله رجال الصحيح.
والإجَّار هو: السطح الذي ليس حواليه ما يرد الساقط عنه.
وكذلك إذا كان المركب غير صالح لكون ذلك تغريراً بالنفس، وإلقاء بها إلى التهلكة، والله يقول: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) [البقرة: 195]. والله أعلم.