عنوان الفتوى : من أسباب نزول المصائب بالمؤمن المستقيم
ذكر أحد من يزعم أنه من أهل العلم أن الإنسان إذا لم يكن له ذنوب وأصابته مصيبة فإنها ليست بسبب ذنوبه وإنما تصيبه رفعة في درجاته، فهل يعقل أن هناك إنسانا بلا ذنوب ولا معاصي وهو بطبيعة الحال لا يقصد الأنبياء بل يقصد الناس في العصر الحاضر فما رأيكم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان العبد قائما بأمر الله متمسكا بشرعه مستقيما على دينه، فنرجو أن يكون ما أصابه من مصائب رفعة له في الدرجات ومثقلا لموازين حسناته.
وأما إن كان العبد مقيما على معصية الله مفرطا في دينه لاهيا عابثا فقد تكون المصائب والآفات التي يبتلى بها تنبيها له من الله ليتوب ويرجع قبل فوات الأوان، وقد تكون عقوبة له في الدنيا نظير ظلمه لنفسه.
وكل ما سبق لا يمكن أن نقطع به لواحد بعينه ولكن نستشرفه من قرائن الأحوال. ولله تعالى في ابتلاء خلقه شؤون.
وعلى المرء أن يتفكر فيما ابتلاه الله به بالصورة التي تزيده لربه تعبدا، ومنه قربا، وبه صلة. والأصل أن يتهم المرء نفسه؛ إذ لا يخلو بشر من ذنب ففي الحديث : كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. رواه ابن ماجه وغيره. قال الشيخ الألباني: حسن.
أما التيقن من كون الابتلاء جزاء أو محوا للذنب أو رفعا للدرجات فهذا ما لا تحيط به العقول ولا تبلغه الأفهام.
وقد وقع في عصر النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا حينما استشكلوا القتل الذي حصل لهم في يوم أحد، قال تعالى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ {آل عمران: 165- 166} وقال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى: 30} ولمعرفة المزيد عن هذا الأمر راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية:19810 ، 13270، 65354، 6901.
والله أعلم.