أغاني الرعاة. . .!
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
للمرحوم أبي القاسم الشابي
أقبل الصبح يغني للحياة الناعسة
والربى تحلم في ظل الغصون المائسة
والصبا تُرقص أوراق الزهور اليابسة
وتهادى النور في تلك الفجاج الدامسة
أقبل الصبح جميلاً! يملأ الأفق بهاه
فتمطى الزهر والطير وأمواج المياه
قد أفاق العالم الحي. وغنى للحياة فأفيقي يا خرافي! واهرعي لي يا شياه! واتبعيني يا شياهي بين أسراب الطيور واملئي الوادي ثغاء! ومراغاً وحبور واسمعي همس السواقي وانشقي عطر الزهور وانظري الوادي يغشيه الضباب المستنير واقطفي من كلأ الأرض ومرعاها الجديد واسمعي شبابتي تشدو بمعسول النشيد نغم يصعد من قلبي كأنفاس الورود ثم يسمو طائراً كالبلبل الشادي السعيد وإذا جئنا إلى الغاب وغطانا الشجر وقطفي ما شئت من عشب وزهر وثمر أرضعته الشمس بالضوء وغذاه القمر وارتوى من قطرات الطل في وقت السحر وامرحي ما شئت في الوديان أو فوق القلال واربضي في ظلها ما شئت إن خفت الكلال وامضغي الأعشاب والأفكار في صمت الظ واسمعي الريح تغني في شماريخ الجبال إن في الغاب أزاهير وأعشاباً عِذاب ينشد النحل حواليها أهازيجاً طراب لم تدنس عطرها الطاهر أنفاس الذئاب لا.
ولا طاف بها الثعلب في بعض الصحاب وشذا حلواً وسحراً وسلاماً وطلال ونسيماً ساحر الخطوة! موفور الدلال وغصوناً يرقص النور عليها والجمال وأخضراراً أبدياً ليس تمحوه الليال إن تملي يا خرافي! في حمى الغاب الظليل فزمان الغاب طفل لاعب عذب جميل وزمان الناس شيخ عابس الوجه ثقيل يتمشى في ملال فوق هاتيك السهول لك في الغابات مرعاي ومسعاي الجميل ولي الإنشاد والعزف إلى وقت الأصيل فإذا طالت ظلال الكلأ الغض الضئيل فهلمي نرجع المسعى إلى الحي النبيل في دار الإذاعة: غريب.
للأستاذ إبراهيم العريض يا ابنة الحسن! لا تقولي غريب ...
غرَّبتني في الحب عينا مَهاةِ لم تكن غير نظرٍة.
تركتني ...
ضامئاً - بعدها - إلى نظرات أغمض العين كي أراها بسمعي ...
حين تسترسلين في النغمات.
في فؤادي أحس وقع خطاها ...
حيثما تنهدين بين اللدات ساءلتني: أأنت تشعر؟ هلا ...
ساءلَتْ عني النجوم رواتي؟ آه لي من هواك! لو كنت عوداً ...
جَّمرته يداك للنغمات أنا من الجمال غرَّد حتى ...
ردد النَيل لحنه للفُرات قدْك يا هند! طاب عهدك لما ...
حرتِ علَّ ابتسامة في حياتي لم تكن غير بسمة عجلَتْ عي ...
ناك في القلب سحرها بالتفات ثم عدنا.
تخفيك عني الليالي ...
بين أحلامها.
وبين ملاتي أيها الليل! ضُمَّ ما شئت عني ...
غير صوت يُلُّم بي في أناةِ صوت تلك التي بشاطئ جَمنا ...
تنجني.
عرفت فيها مهاتي! ألوان.
للشاعر عبد الرحمن الخميسي ليل باك استوى الليلْ على عرش السماء ...
مُطفئاً فيها مصابيحَ الفضاء كافراً تقطرُ من حلكته ...
بالدجى حتى أعاصير الهواء سلَّط البَرْدُ على أكتافه ...
من سياط البرق تعذيب الشتاء والرياحْ الهوجُ من أنفاسِه ...
أطلقتْ من قلبه بعض العناء يحملُ اللوعةَ في أغواره ...
يجهش الرعد بها كيف يشاء فتدوّي قصفةٌ من فمه ...
كلما اشتدت عليه البُرَحاء تسرد الأمطار عن شقوته ...
قصة الحزن لعشاق البكاء حيرة تكسر مجدافي ومادتْ بزورقي ...
أعاصير هوجُ كلهنَّ جنونُ وأُفرِدْتُ وحدي في الخضمِّ ولفَّني ...
ظلام من الإزراء ليس يهون فلا الموج يطويني ولا النور مُسعفي ...
ولا الشاطئ المجهولُ عنه يبين شجن ثارت بنفسي حيرةُ السأمانِ ...
ورمتْ فؤادي في اللظى أحزاني وددتُ لو أحظى بلقيا عابر ...
في الليل أفزعُ نحوه فيراني ويرى الذي قد خطه من شقوتي ...
ألمي على وجهي الهزيل العاني وأبَّثه هتفات قلبٍ راسفٍ ...
في الحب والتعذيب والحرمانِ فلقد يُريحُ النفس أن تُفشى الذي ...
في غورها من هاتف الأشجان ولقد يُريحُ النفس أن يُصغي ...
إلى صرخاتها قلبٌ وحيدٌ حاني أوَّاهُ من شجني الذي أبكاني ...
ومشى على قلبي وفي أركاني يا قُدْيَسه من لاعجٍ نيراني ...
لم يُبقِ إلا صورةَ الإنسانِ