عنوان الفتوى : حكم الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

يدعي أحد الأشخاص بوجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات التي بها تشهدين أي الصلاة عليه في كلا التشهدين وقراءة التشهد كاملا حتى ( إنك حميد مجيد ) في كلا التشهدين الأوسط والأخير ومستدلا بالحديث الآتي ( وكان صلى الله عليه وسلم يصلي على نفسه في التشهد الأول وغيره ) أبو عوانة في صحيحه (3/334)- في الترمذي حسب ما أخبرني و

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم نقف على الحديث المذكور في سنن الترمذي بعد البحث عنه ، والذي يظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم تثبت عنه الصلاة على نفسه في التشهد الأول نظرا لما ذكره ابن القيم حيث ساق أدلة القائلين بها وغيرهم، فقد قال في جلاء الأفهام :

الموطن الثاني من مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول ، وهذا قد اختلف فيه ، فقال الشافعي في الأم: يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول ، هذا هو المشهور من مذهبه ، وهو الجديد ، لكنه يستحب وليس بواجب ، وقال في القديم : لا يزيد على التشهد وهذه رواية المزني عنه ، وبهذا قال أحمد ، وأبو حنيفة ، ومالك وغيرهم .

واحتج لقول الشافعي بما رواه الدارقطني : من حديث موسى بن عبيدة ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد: التحيات الطيبات الزاكيات لله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم .

وروى الدارقطني أيضاً : من حديث عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بريدة؛ إذا صليت في صلاتك فلا تتركن الصلاة عليَّ فيها ، فإنها زكاة الصلاة ،  وقد تقدم .

قالوا : وهذا يعم الجلوس الأول والآخر .

واحتج له أيضا بأن الله تعالى أمر المؤمنين بالصلاة والتسليم على رسوله صلى الله عليه وسلم ، فدل على أنه حيث شرع التسليم عليه شرعت الصلاة عليه ، ولهذا سأله أصحابه عن كيفية الصلاة عليه ، وقالوا : قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك ؟ فدل على أن الصلاة عليه مقرونة بالسلام عليه صلى الله عليه وسلم ، ومعلوم أن المصلي مسلم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فيشرع له أن يصلي عليه .

قالوا : ولأنه مكان شرع فيه التشهد والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم ، فشرع فيه الصلاة عليه كالتشهد الأخير .

قالوا : ولأن التشهد الأول محل يستحب فيه ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فاستحب فيه الصلاة عليه ، لأنه أكمل في ذكره .

قالوا : ولأن في حديث محمد بن إسحاق : كيف نصلي عليك إذا نحن جلسنا في صلاتنا ؟ .

وقال الآخرون : ليس التشهد الأول بمحل لذلك ، وهو القديم من قولي الشافعي رحمه الله تعالى ، وهو الذي صححه كثير من أصحابه ، لأن التشهد الأول تخفيفه مشروع ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس فيه كأنه على الرضف ، ولم يثبت عنه أنه كان يفعل ذلك فيه ، ولا علمه للأمة ، ولا يعرف أن أحداً من الصحابة استحبه ، ولأن مشروعية ذلك لو كانت كما ذكرتم من الأمر لكانت واجبة في المحل كما في الأخير ، لتناول الأمر لهما ، ولأنه لو كانت الصلاة مستحبة في هذا الموضع لاستحب فيه الصلاة على آله صلى الله عليه وسلم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرد نفسه دون آله بالأمر بالصلاة عليه ، بل أمرهم بالصلاة عليه وعلى آله في الصلاة وغيرها ، ولأنه لو كانت الصلاة عليه في هذه المواضع مشروعة لشرع فيها ذكر إبراهيم وآل إبراهيم ، لأنها هي صفة الصلاة المأمور بها ، ولأنها لو شرعت في هذه المواضع لشرع فيها الدعاء بعدها ، لحديث فضالة ، ولم يكن فرق بين التشهد الأول والأخير .

قالوا : وأما ما استدللتم به من الأحاديث ، فمع ضعفها : بموسى بن عبيدة ، وعمرو بن شمر ، وجابر الجعفي ، لا تدل ، لأن المراد بالتشهد فيها هو الأخير دون الأول بما ذكرناه من الأدلة . انتهى .

والله أعلم .