عنوان الفتوى : ضرورة تصديق المسلم لأمور الغيب وبيان حال الموتى في قبورهم
بارك الله فيكم. أخونا أيضاً يسأل سؤال يتعلق بالعقيدة في الواقع سماحة الشيخ يقول: إنني مؤمن بالله وأصدق بما جاء في الكتاب العزيز ولكن الذي يثير الشك عندي هو إحياء الميت في القبر، سؤالي: هل هي نفس حياته الأولى، وكم حاسة ترجع إليه، وإلى متى تبقى حياته في القبر، وإذا كان الميت تسأل جثته فما مصير الذين يحرقون أو يحرقون مثل الهند وألبانيا وغيرهم، وأين يتم سؤالهم، إن الطبيب يا سماحة الشيخ عندما يجري العملية يبعد حواس الإنسان عنه بمخدر أما هذا الموت فإنني لازلت أتساءل وأبدي لكم أنني غير ساخر لكنني في حيرة وأرجو الإيضاح عبر هذا البرنامج المفيد، جزاكم الله خيراً؟ play max volume
الجواب: أولاً: ينبغي أن يعلم أن الواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة التصديق بما أخبر الله به في كتابه، أو على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من جميع الأمور فيما يتعلق بالآخرة والحساب والجزاء والجنة والنار وفيما يتعلق بالموت والقبر وعذابه ونعيمه، على المؤمن أن يصدق بما أخبر الله به ورسوله، فما جاء في القرآن العظيم أو صحت به السنة فعلينا الإيمان والتسليم والتصديق؛ لأنا نعلم أن ربنا هو الصادق في قوله، قال سبحانه: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا [النساء:122] وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًاا [النساء:87]، ونعلم أن الرسول ﷺ أصدق الناس وأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فما ثبت عنه في الأحاديث الصحيحة وجب التصديق به، وإن لم نعرف هنا وإن لم نعرف حقيقته نصدق بما أخبر به من أمر الآخرة أمر الجنة أمر النار عذاب أهل النار، نعيم أهل الجنة، كون العبد في قبره يعذب أو ينعم ترد إليه روحه.. يسأل كل هذا حق جاءت به النصوص، والأحاديث الصحيحة، فعلى العبد أن يسلم وأن يصدق بكل ما علمه من القرآن العظيم أو صحت به السنة عن رسول الله ﷺ أو أجمع عليه علماء الإسلام.
ثم إذا من الله على المؤمن أو المؤمنة بالعلم بالحكم والأسرار فهذا خير إلى خير، ونور إلى نور، وعلم إلى علم، فليحمد الله وليشكره على ما أعطاه من البصيرة في الحكم والأسرار التي من الله عليه بها حتى زاد علمه وحتى زادت طمأنينته.
أما ما يتعلق بسؤال الأخ عن حال القبر وعن حال الميت فإن السؤال حق فإن الميت ترد إليه روحه إذا مات وقد صحت به الأخبار عن رسول الله ﷺ ترد إليه روحه فيسأل في قبره على كيفية الله أعلم بها حياة غير حياته الدنيوية حياة خاصة برزخية ليست من جنس حياته في الدنيا التي يحتاج فيها إلى الطعام والشراب ونحو ذلك لا بل حياة خاصة يعقل معها السؤال والجواب، ثم ترجع روحه بعد ذلك إلى عليين إن كان من أهل الإيمان إلى الجنة، وإن كان من أهل النار إلى النار، لكنها تعاد إليه وقت السؤال والجواب فيسأله الملكان: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فالمؤمن يقول: ربي الله والإسلام ديني ومحمد نبيي، هكذا المؤمن والمؤمنة، ويقال له: ما علمك بهذا الرجل يعني: محمد. فيقول: هو رسول الله جاءنا بالهدى فآمنا به وصدقناه واتبعناه فيقال له: نم صالحاً قد علمنا إن كنت لمؤمناً ويفتح له باب إلى الجنة فيأتيه من روحها ونعيمها ويقال له: هذا مكانك في الجنة حتى يبعثك الله إليه ويفتح له باب إلى النار فيرى مقعده من النار والله على كل شيء قدير، هذه أمور عظيمة غيبية فيرى مقعده ويقال له: هذا مكانك لو كفرت بالله، أما الآن فقد عافاك الله منه وصرت إلى الجنة، وهكذا يقال للكافر، فإذا سئل قال الكافر: هاه هاه! لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته، فيضرب بمرزبة يعني: مطرقة من حديد فيصيح صيحة يسمعه كل شيء يسمعها كل شيء إلا الثقلين إلا الإنس والجن، يسمعها البهائم، فيقال له: قد علمنا أنك غير مؤمن وعلى هذا عشت وعليه مت فيفتح عليه باب إلى النار ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ويكون قبره عليه حفرة من حفر النار نعوذ بالله، ويفتح له باب إلى النار فيأتيه من سمومها وعذابها ويقال: هذا مكانك حتى يبعثك الله إليه، ويفتح له باب إلى الجنة فيرى مقعده من الجنة لو هداه الله، ولكن الله صرفه عنه لما كفر بالله وربك أحكم وأعلم سبحانه وتعالى.
فالقبر إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار، والعذاب والنعيم للروح والجسد جميعاً في القبر للروح والجسد، وهكذا في الآخرة في الجنة للروح والجسد في النار للروح والجسد، أما من مات بغرق مات بالحرق مات بأكل السباع فإن روحه يأتيها نصيبها من العذاب والنعيم، ويأتي جسده من ذلك في البحر أو في الحرق أو في بطون السباع أو غيره، يأتيه نصيبه من ذلك على الوجه الذي يعلمه الله سبحانه وتعالى، لكن المعظم والمهم على الروح التي تبقى فهي إما منعمة وإما معذبة.
فإن ما أكله السباع ذهبت الروح إلى مكانها من خير وشر، وهكذا من أحرقته النار أو سقط في البحار وأكلته حيتان البحر أو غير ذلك الأرواح تذهب إلى مكانها، المؤمن تذهب روحه إلى الجنة، قال النبي ﷺ: إن روح المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة يأكل من ثمارها، والكافر تذهب روحه إلى النار وإلى ما شاء الله من عذاب الله وإن ذهب جسده في الحرق أو في السباع أو في غير ذلك.
فينبغي لك أيها السائل وأيها المؤمن وأيها المؤمنة أن تطمئن إلى ما أخبر الله به ورسوله، وأن كون الإنسان يحرق أو تأكله السباع أو يذهب في البحار أو غير ذلك كل هذا لا يمنع من العذاب والنعيم، فالنعيم والعذاب يصل إليه كما يشاء الله سبحانه وتعالى، ومعظمه في القبر على الروح نعيماً أو شراً، وينال الجسد نصيبه من ذلك، وعند بعثه ونشوره يجمع الله له ما وعده به من خير وشر لروحه وجسده، فالروح والجسد يوم القيامة منعمان أو معذبان، جميعاً إما في النار وهم الكفار وإما في الجنة وهم أهل الإيمان.
أما العصاة فلهم نصيبهم العصاة لهم نصيبهم بين الجنة والنار، بين هؤلاء وهؤلاء إن عفا الله عنهم ألحقوا بأهل الإيمان وصاروا إلى الجنة والكرامة وسلموا من عذاب القبر ومن عذاب النار، وإن لم يعف عنهم بسبب معاصيهم من الزنا أو شرب الخمر أو العقوق للوالدين أو قطيعة الرحم أو أكل الربا أو غير هذا إذا لم يعف عنهم نالهم نصيبهم من العذاب في القبر على قدرهم لكنهم دون الكفار أقل من الكفار، ويوم القيامة يدخلهم الله النار ويعذبون على قدر معاصيهم إن لم يعف الله عنهم، فإذا طهروا في النار وخلصوا من خبث معاصيهم أخرجهم الله من النار إلى الجنة، بفضل رحمته سبحانه وتعالى، وقد يخرجون بشفاعة الشفعاء كشفاعة النبي ﷺ وشفاعة الملائكة والأنبياء والمؤمنين والأفراط ويبقى في النار من العصاة من شاء الله فيخرجهم الله برحمته سبحانه من غير شفاعة أحد، بل بمجرد فضله ورحمته جل وعلا؛ لأنهم ماتوا على التوحيد، فيخرجهم الله من النار بعدما يجازون إذا لم يعف عنهم قبل ذلك، ولا يبقى في النار إلا الكفرة مخلدون فيها أبد الآباد يبقى الكفار مخلدين في النار أبد الآباد، أما العصاة الذين ماتوا على معاصي لم يتوبوا فهم تحت مشيئة الله سبحانه وتعالى، إن شاء عفا عنهم بأعمالهم الطيبة وتوحيدهم وإن شاء عاقبهم وعذبهم في القبر وفي النار على قدر معاصيهم، ولكنهم لا يخلدون خلوداً دائماً أبداً لا بل يقيمون في النار إذا دخلوها مدداً متفاوتة على حسب أعمالهم السيئة، فإذا انتهت عقوبتهم أخرجهم الله من النار إلى الجنة، هذا قول أهل السنة والجماعة قاطبة خلافًا للخوارج والمعتزلة فإن الخوارج و المعتزلة يقولون: العصاة إذا دخلوا النار لا يخرجون أبداً كالكفار، وهذا قول باطل، والذي عليه أهل السنة والجماعة وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان أن العصاة إذا لم يعف عنهم ودخلوا النار لا يخلدون بل يعذبون عذاباً متفاوتاً على قدر معاصيهم مدداً يشاؤها الله سبحانه وتعالى ويعلمها فإذا انتهت المدة التي قدرها الله لهم أخرجوا من النار وصاروا إلى نهر يقال له: نهر الحياة فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل فإذا تم خلقهم أذن لهم بدخول الجنة فضلًا من الله سبحانه وتعالى.
نسأل الله للجميع التوفيق والهداية والعلم النافع. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً. إذاً علينا أن نصدق بما جاء في القرآن الكريم وبما جاءت به السنة الكريمة فيما يخص نعيم القبر وفيما يخص عذابه، وعلينا أن نبتعد عن الشكوك والأوهام فيما يخطر ببال الإنسان حول ذلك ؟
الشيخ: نعم، كل ما عرض للإنسان من شكوك أو أوهام يعرضها على القرآن والسنة حتى تزيل ذلك فما في الكتاب والسنة هو المعين الصافي، هو الذي يزيل الشكوك والأوهام ويجعل المؤمن في راحة وطمأنينة مرتاحاً لما قاله الله ورسوله وإن كان لا يفهم ذلك أو لم يعرف الحكمة في ذلك، فالله أحكم وأعلم، إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ [الأنعام:83] لا يعذب إلا لحكمة ولا ينعم إلا لحكمة ولا يعطي إلا لحكمة ولا يمنع إلا لحكمة هو الحكيم سبحانه وتعالى، هو الحكيم العليم بكل شيء سبحانه وتعالى.
المقدم: بارك الله فيكم. سماحة الشيخ لعل ما توصل إليه العلم الحديث في الوقت الحاضر يقرب لبعض الإخوان حقيقة تلك المسائل ولاسيما فيما يتعلق ....
الشيخ: قد يستعان به في بعض الشيء. نعم.
المقدم: فيما يتعلق بالتصوير فيما يتعلق بالتسجيل فيما يتعلق بتلك الأمور..
الشيخ: كل هذه الأشياء التي تحدثت فيها عبرة بعض الناس كانوا يتساءلون ويقولون: كيف ينادي أصحاب الجنة أصحاب النار وأصحاب الجنة في أعلى عليين والنار في أسفل سافلين، بينهم التباعد العظيم فأراهم الله هذه العجائب الآن، هذا المذياع الذي من أقصى الدنيا إلى أقصى الدنيا يسمعون منه الأخبار ويريهم الله العبرة، هذا المذياع وهذا الرائي الآن الذي يسمعه الناس من بعيد وهذا الهاتف التلفون يتخاطبون به من بعد إلى بعد، هذه آية وعبرة تدلهم على صحة ما أخبر به الرسل من كون أهل الجنة ينادون أهل النار ويسمعون عواءهم وشرهم إذا أرادوا ذلك، كل هذا من آيات الله. نعم.
المقدم: بارك الله فيكم. تسجيل خطوات الإنسان وتسجيل صوته سماحة الشيخ لعل لهذا أيضاً تأثير على حفظ الأعمال وإتقانها وأن كل شيء مقيد ومحفوظ ؟
الشيخ: يقال كذا رؤيته في التلفاز وغيره أهل الجنة يرون أهل النار فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ [الصافات:55] مع البعد العظيم الله أقدره أن يرى أهل النار، هذه من آيات الله كما الآن يرى الإنسان يتكلم في محل بعيد تنقله الأقمار الصناعية ويراها الآن في مكان آخر. نعم.
المقدم: بارك الله فيكم.
الشيخ: سبحان الله! ...... هذه آيات من آيات الله سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ [فصلت:53]، فهو على كل شيء قدير سبحانه وبكل شيء عليم يري عباده العبر ويوضح لهم الآيات لعلهم يعقلون لعلهم يفهمون لإقامة الحجة وقطع المعذرة. نعم.
المقدم: كأني بسماحة الشيخ يدعو إلى تأمل مثل هذه الأشياء وهي تقرب تلك الصور؟
الشيخ: لاشك أنها تقرب وتعين على فهم الكتاب والسنة، تعين على فهم الكتاب والسنة، فيما أشكل من هذه الأمور. نعم.
المقدم: بارك الله فيكم.
الشيخ: الله المستعان.
أسئلة متعلقة أخري |
---|
حكم الاكتفاء بإيمان القلب دون العمل |
معنى الركن الأول من أركان الإسلام |
شروط الإسلام |