عنوان الفتوى : بدء أهل الكتاب بالسلام والرد عليهم

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ماحكم بدء أهل الكتاب بالسلام ؟ وهل إذا بدءوا هم نرد عليهم ،وكيف نرد عليهم ؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:

بدء أهل الكتاب وغير المسلمين بالسلام لا يجوز عند جمهور الفقهاء ،وأباحه قوم من الفقهاء ،وهو مروي عن بعض الصحابة ،هذا ويجوز رد السلام عليهم بقول:وعليكم ،فإن اطمأن المسلم أن تحية غير المسلم ليس فيها تحريف ولا تبديل :كأن يقول :السام عليكم ،فلا مانع من الزيادة في الرد ،وأن ينوي بقوله :وعليكم السلام ، هدايته إلى الإسلام.

يقول الدكتور خالد محمد عبدالقادر أستاذ الشريعة بالجامعات اللبنانية:

‎‎ ذهب جمع من السلف إلى جواز إلقاء السلام على المخالفين من أهل الكتاب والمشركين، وقد فعله ابن مسعود وقال : إنه حق الصحبة. وكان أبو أمامة لا يمر بمسلم ولا كافر إلا سلم عليه، فقيل له في ذلك، فقال : (أمـــرنا أن نفشي الســـــلام) .وبمثلـه كــان يفعـل أبــــو الــدرداء.‏

‎‎ وكتب ابن عباس لرجل من أهــل الكتاب : (الســــلام عليك) ، وكــــان عمر بن عبد العزيز يقول : (لا بأس أن نبدأهم بالسلام).‏

‎‎ وذهب جمع آخر إلى المنع من إلقاء السلام على الكافرين، مستدلين بقول النبي صلى الله عليه و سلم : (لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام)، ‎‎ وقالوا : في الحديث دليل على تحريم ابتداء المسلم لليهود والنصارى بالسلام، لأن ذلك أصل النهي، وهو قول جمهور أهل العلم.

‎‎ قال ابن حجر : (والأرجح من هذه الأقوال كلها ما دل عليه الحديث، ولكنه مختص بأهل الكتاب) .

‎‎ قلت : لكن النهي عن مبادرة أهل الكتاب بالسلام، معلل بكونهم يردون بـ (وعليكم السام) يعني الموت.‏

‎‎ يؤخذ هذا التعليل مما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها، أن رهطًا (جماعة) من اليهود دخلوا على النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : (السام عليك)، ومن هنا قال عليه الصلاة والسلام : (إذا سلّم عليكم أهل الكتاب فقولوا : وعليكم)، وفي رواية أخرى : (فإن أحدهم يقول : (السام عليك) .

‎‎ وعليه فإذا غيّر أهل الكتاب من أسلوب ردهم وألفاظهـــم الخبيثـــة، فلا مانع من السلام عليهم، لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا.‏
‎‎ فقد نهانا النبي صلى الله عليه و سلم عن ذلك حتى لا يكون هناك مقابل (إلقاء السلام) دعاء علينا بالموت، فإذا انتفى ذلك فلا أرى وجهًا للمنع.‏

‎‎ وهذا ما فهمه جمع من الأئمة، فقد سئل الأوزاعي عن مسلم مر بكافر فسلّم عليه، فقال : إن سلمتَ فقد سلّم الصالحون، وإن تركتَ فقد ترك الصالحون قبلك.‏
‎‎ كل ما تقدّم من خلاف فإنه إذا كانت تحيتنا لهم (بالسلام عليكم)، أما إذا كانت بعبارة أخرى (كصباح الخير، أو مســاء الخيـــر، أو مرحبًا)، وما شابه ذلك، فلا أرى أن النهي يتناوله، وقد قال بذلك السدي، ومقاتل، وأحمد وغيرهم.


‎‎ اتفق أهل العلم على أنه يرد على أهل الكتاب بـ : (وعليكم) ، لقول النبي صلى الله عليه و سلم : (إذا سلّم عليكم أهل الكتاب فقولوا : وعليكم)

‎‎ ولكن هل يزاد على ذلك؟‏

‎‎ ذهب جماعة من السلف إلى أنه يجوز الرد على الكفار بـ (وعليكم السلام)، كما يرد على المسلم، وهو قول ابن عباس، والأشعري، والشعبي، وقتادة، وحكاه الماوردي وجهًا للشافعية، ولكن لا يقول : (ورحمة الله)، وقيل يجوز مطلقًا وتكون الرحمة بمعنى الهداية.‏
‎‎ وذهب الجمهور إلى المنع من الرد بـ(وعليكم السلام). ولم يأتوا بدليل على ما ذهبوا إليه إلا بالحديث السابق.‏
‎‎ قلت : ولكنه مقيّد بسبب، فإذا زال فلا مانع من الرد بـ (وعليكم السلام).‏

‎‎ فيترجح قـــول القائلين بفرضيـــة الـــرد كامــلاً بالصيغــة التي تصلــح ردًا لتحيته.‏

‎‎ قال ابن القيم : (فإذا تحقق السامع أن الكافر قال له : (السلام عليكم)، فالذي تقتضيه الأدلة الشرعية وقواعد الشريعة أن يقال له : (وعليكم السلام)، فإن هذا من باب العدل والإحسان، وقد قال تعالى : (وإذا حيتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها).‏

والله أعلم