عنوان الفتوى : نصيحة للزوج المقصر في حقوق زوجته
أخت لنا بعثت برسالة تقول (م. أ. ع) مصرية، تقول في رسالته: زوجي مصري يعمل بالرياض وتزوجته من سنتين صبرت فيهم على الوحدة والغربة فهو ينزل عمله مبكرًا جدًا ويرجع بعد الظهر تقريبًا بنصف ساعة أو أقل ليتغدى ثم ينزل ولا أراه إلا منتصف الليل، وخلال الفترة من العصر إلى الليل يقضيها بين عمل وقراءة مع أصدقاء له، وقد نصحته أن يعطي كل ذي حق حقه، فلربه حق ولنفسه حق ولزوجه حق من الجلوس معها ومؤانستها فهو يأتي متعب لينام ولا يؤانسني حتى بالكلام الطيب الذي تنتظره الزوجة، وهذا بلا شك له أثره السيئ على نفسيتي وهو يكره كثرة الكلام معه في هذا الموضوع، ويكتفي بأنه يجلس بالبيت الخميس فقط وهذا مما لا شك فيه أثر على سلوكي فأصبحت أغضب وأثور وذكرته كثيرًا، ولم يكن جوابه إلا: هذه هي الحياة، فبم تنصحونني؟ وما هو حل هذه المشكلة التي عانيت منها وصبرت عليها سنتين جزاكم الله خيرا؟ً play max volume
الجواب: أولًا: ننصحك بالصبر والكلام الطيب وحسن الأسلوب معه، والدعاء له بالهداية والتوفيق، ونقول لك: قد أحسنت وقد ذكرت له الحق، فإن عليه أن ينصف زوجته، وأن يعطيها حقها بالمؤانسة والجلوس معها والتحدث معها كما فعل النبي ﷺ، وكما أوصى أمته عليه الصلاة والسلام، وقال: استوصوا بالنساء خيرًا، وقال لـعبدالله بن عمرو لما أعرض عن زوجته: إن لنفسك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا، ولضيفك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه، ولما زار سلمان أبا الدرداء ورأى عنده شيئًا من التقشف والتعبد وعدم التفاته إلى أهله نصحه، وكانت اشتكت إليه زوجة أبي الدرداء وأنه لا حاجة له في الدنيا، فعرف من كلامها أنه لا يلتفت إليها كما ينبغي، فنصحه سلمان ، وأمره أن ينام مع أهله إلى آخر الليل ثم يقوم يصلي، وأمره أن يصوم تارة ويفطر تارة، وقال له سلمان: إن لنفسك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا، ولضيفك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه، ثم توجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره سلمان و أبو الدرداء بما جرى فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان، صدق سلمان.
فالواجب على زوجك أن يتقي الله، وأن ينصفك وأن يعتني بك، وأن يحسن عشرتك، فيعمل في الوقت الذي حدد فيه العمل، ثم يأتي إلى البيت ويعاشر أهله ويتحدث إليهم، هكذا حتى تطمئن زوجته إليه، وحتى يحصل بينهما المؤانسة والراحة فإن الزوجة سكن الزوج، الله جعل الزوجة سكنًا للزوج وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا [الروم:21] فعليك -أيها الزوج- أن تتقي الله، وأن تحسن في أهلك، وأن تفرغ لهم بعض الوقت، وأن تؤانسهم بالكلام الطيب والمداعبة وحسن المقابلة وطلاقة الوجه؛ لأن لها عليك حقًا، وهكذا ضيفك، وهكذا بدنك، فأعط ربك حقه، وأعط العمل حقه، وأعط نفسك حقها، وأعط الزوجة حقها، واجتهد في ذلك واستسمحها وقل لها الكلام الطيب عما تقصر فيه حتى تسمح عنك، وعليك بالرفق والحكمة وطيب الكلام، ولا تكن عنيفًا ولا شديدًا، هذا هو الذي ينبغي لك أيها الأخ، وعليك -أيها الأخت في الله- أن تصبري وتحتسبي، وأن تخاطبيه بالتي هي أحسن وسوف يجعل الله لك فرجًا ومخرجًا وحسن عاقبة. نعم.