عنوان الفتوى : شرح حديث(..وأنا الدهر..)
لو سمحتم أريد فتوى عاجلة عن ردي على إحدى الشاعرات بسم الله الرحمن الرحيم: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [55: الذاريات]، ومرحباً بعد أرق وأطيب تحية، اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، والله لكم هي جميلة تلك الدعوة التي طرحتها في توقيعكْ! عسى الله أن يجيبنا... اللهم آمين... الغالية (اسمها) أتيت لأجل ربٍّ تدافع عنه (اسمي) كلما رأت قبيحاً لا يليق به سبحانه... ثم لأجلكِ يا غالية! ... فأرجوا أن تعذري جرأتي أيتها الطيبة!... قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: هي الكلمة التي لا يعرف القائل حسنها من قبحها، قال: فيحرم على الإنسان أن يتكلم بما لا يعرف حسنه من قبحه... ويا غالية قد كتبتِ قبيحاً ولم تعلمي!... قلتِ: زماني جار... وقلتِ: قسى هالوقت... أتدرين ما الزمان؟... الزمان هو الله سبحانه بعينه... قال في حديثه القدسي: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار. وإليكِ معاني الحديث القدسي: السب: الشتم أو التقبيح والذم. الدهر: الوقت والزمان. يؤذيني: أي ينسب إليَّ ما لا يليق بي. وأنا الدَّهر: أنا ملك الدهر ومصرفه ومقلبه. إن الله لا يقسو على أحد منّا... وأنت وأنا وأي عاقلٍ يعلم بذلك... لكنكِ غفلتي دونما قصد... وقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي ذرٍ (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) عن ربه أنه قال: «يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفرُ الذنوبَ، ولا أبالي، فاستغفروني أغفر لكم»، وقد ورد في مدارج السالكين، لابن قيم الجوزية أن رحمةَ الله بعباده، وفرحَهُ بتوبتهم، تتمثل في هذا الأثر المتطابق مع النصوص الصحيحة:«إن أتاني عبدي ليلاً قبلته، وإن أتاني نهاراً قبلته، وإن تقرب مني شبراً، تقربت منه ذراعاً، وإن تقرب مني ذراعاً، تقربت منه باعاً، وإن مشى إلي، هرولت إليه، من أقبل عليّ تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني ناديته من قريب، ومن ترك لأجلي أعطيته فوق المزيد، ومن تصرف بحولي وقوتي، ألنت له الحديد، ومن أراد مرادي أردت ما يريد، أهل ذكري أهل مودتي، أهلُ شكري أهل زيادتي، أهل طاعتي أهل كرامتي، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، فإني أحب التوابين، وأحب المتطهرين، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب، لأطهرهم من الذنوب والمعايب، أشكر اليسير من العمل، وأغفر الكثير من الزلل، رحمتي سبقت غضبي، وحِلمي سبق مؤاخذتي، وعفوي سبق عقوبتي، وأنا أرحم بعبدي من الأم بولدها». وأرجوا أن لا تأخذيها على أنها كلمات فحسب (حبر على ورق)... فالله سبحانه وتعالى قال: "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" [18: ق] وألا ليتكِ أن تغيريها فهي لا تليق بربنا الجميل والأحب من الحبيب... خاصة وإني على ثقة إن شاء الله أنكِ مؤمنة وتودين حب الله لكِ... اللهم احفظ الشعراء والشاعرات من أنفسهم وتجاوز عنهم إن أخطأءوا وهم يعلمون أو لا يعلمون... اللهم آمين، (وهَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) [138: آل عمران] في حفظ الله دوماً والله من وراء القصد؟ شكراً لكم، وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجزاك الله كل خير على حرصك على إنكار كل منكر وقعت عليه عيناك، وجزاك الله خيراً ثانية على حرصك على التواصل مع أهل العلم لمراجعة ردودك وأقوالك.
ونقول: إن قولك (الزمان هو الله سبحانه بعينه) قول باطل، فإن الدهر ليس من أسماء الله تعالى، يقول الإمام الخطابي في معنى قوله تعالى في الحديث القدسي: يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر وأنا الدهر.... معناه: أنا صاحب الدهر ومدبر الأمور التي ينسبونها إلى الدهر، فمن سب الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور، عاد سبه إلى ربه الذي هو فاعلها، وإنما الدهر زمان جعل ظرفاً لمواقع الأمور...
هذا ويمكنك أن تعدلي من ردك على هذه الشاعرة بعد رجوعك إلى الفتوى رقم: 50029، والفتاوى المتفرعة عليها أو تكتفي بإرسال تلك الفتاوى إليها.
والله أعلم.