عنوان الفتوى : ثواب من ترك الجدال محقاً
أود بداية أن أشكركم على هذا الموقع المفيد... وعسى أن يكون أجراً في ميزان حسناتكم، في الواقع هو أن لدي صديقه تعاني من الآلام بجسدها... وقد زارت أغلب الأطباء ولكن دون فائدة... يقولون لها إنه لا شيء بها... قلت لها ربما تكون (عينا) وطلبت منها أن تذهب لقارئ قرآن... فقالت لي (أبي لا يؤمن بمثل هذه الأمور) فانتابني الغيظ، وقلت لها: كيف لا يؤمن بكلام الله؟ قالت يؤمن بالله, ولكن لا يؤمن بهؤلاء الناس لأنه يقول إن أي حد بوسعه أن يقرأ القرآن, فلم التداوي عند هؤلاء الناس بالتحديد؟ فقلت لها: إن لديهم يقينا, ويقينهم يكون سببا في الشفاء, لأن بعض الناس يقرأ القرآن على نفسه ولا يشفى لأنه ليس لديه يقين! شعرت أنها لم تقتنع... وبصراحه لقد تضايقت جداً من جهلها... وأغلقت الموضوع لأنني خفت من أن أقول لها كلمة تجرحها... فبالنسبة لي هذا الموضوع لا يحتاج لنقاش! أصيبت عمتها بالعين... عندما ذهبت لقارئ قرآن قال لها ذلك, ولم يأخذ أي أموال لأنه يقوم بذلك لوجه الله, وشفيت العمة، فما كان لأبيها ألا أن قال إن شفاءها كان بسبب حبوب الضغط! كيف لي أن أقنعها؟ وهل صحيح أن النبي نهى عن التجادل والذي ينهي الجدال يكسب أجراً؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن العين حق كما في حديث مسلم، ورقيتها مشروعة كذلك أيضاً، ويشرع أن يرقي العبد نفسه ويدعو لنفسه، كما يشرع له أن يسترقي غيره ممن علم نفعه وكان سليم المعتقد مستقيماً في دينه، ويدل لهذا ما في حديث الصحيحين: لا رقية إلا من عين أو حمة. وما في البخاري عن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة فقال: استرقوا لها فإن بها النظرة. والنظرة فسرها ابن حجر بالعين.
ويشرع كذلك دواء الأمراض البدنية بالفاتحة أو غيرها من القرآن، وهو لا شك أنجع علاجاً من جميع الأدوية لمن حسن ظنه بالله تعالى وأيقن بوعده.
وليعلم أن الناس قد يتفاوت مستوى استجابة دعائهم بحسب تفاوت مستوى إيمانهم ويقينهم بالله تعالى وحسن ظنهم به، ولكنه قد يستجيب الله لبعض الناس مع ضعف مستواهم الإيماني بسبب اضطرارهم إليه فهو سبحانه يجيب دعاء المضطر إذا دعاه، وبهذا يعلم أنه يمكن للشخص أن يقرأ على نفسه أو أن يطلب غيره أن يقرأ عليه.
واعلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم رغب في ترك الجدال فقال: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
ولا شك أن ترك الجدل أولى لمن لم يكن واسع الاطلاع وليس عنده ما يجادل به، وقد ثبت بالأدلة الصحيحة بيان كون الجدال بالتي هي أحسن من أساليب الدعوة التي قد يحتاج إليها في كثير من الأحيان، ويشرع لمن يستطيع القيام بها أن يعملها، فقد قال الله تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ {النحل:125}، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية مع إحالاتها: 36540، 4310، 9081، 30799، 49953، 9922.
والله أعلم.