عنوان الفتوى : خطأ الطبيب في اجتهاده في وصف الدواء
أنا طبيب حديث التخرج حاصل على ترخيص بمزاولة المهنة وقد جاءتني مريضة تشتكي ألما بالبطن وبعد فحصها شككت في وجود سبب جراحي لهذا الألم ولكنها كانت تعاني أيضا من التهابات بالجهاز التناسلي و المسالك البولية -كما أثبت التحليل ذلك-فوصفت لها علاجا لهذه الالتهابات ونصحتها بعرض حالتها على جراح بالمستشفى في حال عدم ذهاب الألم في خلال يوم أو يومين و بعد عدة ساعات و أثناء تفكري بتلك الحالة خطر لي تشخيص لم يخطر ببالي أثناء الفحص و هو الحمل خارج الرحم -خاصة أنها تستخدم اللولب-وهي حالة خطيرة تستدعي التدخل الجراحي الفوري بعد التأكد بالأشعة ويترتب على التأخير مضاعفات خطيرة تبدأ باستئصال الرحم والمبايض و الأنابيب و تنتهي بالوفاة.والغريب أنني أعلم هذه الحالة جيدا فقد رأيتها مرتين في ليلة واحدة أثناء سنة الامتياز (التدريب) بدليل أنني تذكرتها بمفردي دون مساعدة أحد....فهل علي ذنب فيما حدث؟علما بأني لا أعلم محل إقامتها ولا رقم هاتفها لأطمئن عليها فماذا أفعل الآن؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالطبيب الماهر الحاذق الذي اجتهد فوصف للمريض دواء فأخطأ في اجتهاده -وكانت الحالة مما يختص بعلاجها- فتلف بذلك الدواء عضو أو مات بسببه فهو غير آثم، لكونه اجتهد في مجال اختصاصه ولم يتعمد الإتلاف، وقد قال الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه رواه ابن ماجه. ولكنه ضامن، لأن الخطأ ينتفي به الإثم، ولكن المال لا ينتفي به. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 5852.
وهذا الضمان يخرج على روايتين: إحداهما: أن دية المريض في بيت المال.
والثانية: أنها على عاقلة الطبيب، وقد نص عليهما الإمام أحمد في خطإ الإمام والحاكم. (انظر الآداب الشرعية لابن مفلح).
وانطلاقا مما ذكر، فإنه ليس عليك إثم فيما لو حدث للمرأة شيء.
ولا يتصور هنا لزوم الدية، طالما أن المرأة غير معروفة، ولم يُتحقق ما إذا كان حصل لها شيء أو لم يحصل، والمطالب بالدية هو بيت المال أو العاقلة، وكلاهما لا يتحمل إلا شيئا معلوما محققا.
والله أعلم.