عنوان الفتوى : هل يصلي مع جماعة تؤخر الصلاة وتنقرها أم منفردا في وقتها مع الطمأنينة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد: فضيلة الشيخ، فى بعض العطل أسافر إلى البادية قصد الراحة، ألا أنه تصادفني أشياء لا أجد لها تفسيرا فقهيا، أود من فضيلة الشيخ أن يتكرم فيوضح لنا جانبا منها.1- أن النداء للصلوات يتأخر كثيراً خاصة أذان صلاة المغرب (فماذا أفعل والحالة هذه)، هل أصلي قبل أذان المسجد أم أنتظر إلى بزوغ الشفق حيث يكون الأذان، مع العلم بأن هذا التأخير موروث عن سلفهم.2- أن الصلاة تؤدى بسرعة غير عادية بحيث تسلب المصلي جميع مقومات الطمأنينة الواجبة توفرها في الصلاة (فماذا أفعل). أكتفي يا فضيلة الشيخ بهذين

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بينا في الفتوى رقم: 20529، أن وقت دخول صلاة المغرب إذا غربت الشمس، وذكرنا أدلة ذلك، ولا خلاف فيه بين أهل العلم، وأما نهاية وقتها المختار فهو غياب الشفق كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه وفيه: .... ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق. رواه مسلم، والمقصود بالشفق هو الأحمر، كما بينا في الفتوى رقم: 13712.

وذهب بعض أهل العلم ومنهم المالكية في قول يرى بعضهم أنه هو المشهور إلى أن مختار صلاة المغرب هو مقدار ما تؤدى فيه بشروطها من طهارة وستر عورة ونحوه، ودليلهم في ذلك أن جبريل عليه السلام صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم المغرب في نفس الوقت في اليومين الذين بين له فيهما أوقات الصلوات، والحديث عند النسائي وصححه الألباني.

قال خليل بن إسحاق المالكي في مختصره: وللمغرب غروب الشمس يقدر بفعلها بعد شروطها. قال في مواهب الجليل: هذا التضييق لوقت المغرب هو الذي حكاه أصحابنا العراقيون عن مالك أنه ليس لها إلا وقت واحد، وبه قال ابن المواز والشافعي. والتحقيق أن مختار الغرب يمتد إلى مغيب الشفق لما رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو ..(المتقدم) قال الشوكاني: وهذا الحديث أولى من حديث جبريل عليه السلام لأنه كان بمكة في أول الأمر وهذا متأخر ومتضمن زيادة.

فمن صلى المغرب ما بين غروب الشمس إلى غياب الشفق فلا إثم عليه فقد أدرك المختار وإن فاتته فضيلة الصلاة لأول الوقت، كما في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن أفضل الأعمال قال: الصلاة لوقتها. متفق عليه، وفي رواية: الصلاة في أول وقتها. الترمذي والدارقطني والبيهقي وصححها الألباني.

وتأخير الأذان عن أول دخول الوقت لا ينبغي لأن المقصود به هو الإعلام بدخول وقت الصلاة، ولكن ربما كان المؤذن موسوساً لا يؤذن حتى يتيقن غروب الشمس فلا حرج عليه في ذلك، وينبغي تنبيه الجماعة إلى فضيلة الصلاة لأول الوقت وعدم تأخيرها لغير حاجة من انتظار جماعة ونحوه.

كما لا ينبغي لك أن تصلي قبل الأذان وقبل صلاة الجماعة إن لم يؤخروا الصلاة عن وقتها المختار كما بيناه، وليس بزوغ الشفق الأحمر هو نهاية مختار المغرب وإنما غيابه... وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة في الجماعة وحث على ذلك ورغب فيه، كما بينا في الفتوى رقم: 28664، والفتوى رقم: 27899، والفتوى رقم: 9680.

وأما الإسراع في الصلاة وعدم الطمأنينة والخشوع فيها فإن كان ذلك يؤدي إلى الإخلال بركن من أركانها فإنه يبطلها ولا تصح صلاة من يفعل ذلك، لحديث المسيء صلاته، فقد كان ينقرها نقراً فقال له صلى الله عليه وسلم: ارجع فصل فإنك لم تصل ثلاثاً. ثم بين له كيفيتها وفيه: اركع حتى تطمئن راكعاً ثم ارفع حتى تستوي قائماً ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ثم ارفع حتى تطمئن جالساً. متفق عليه، وانظره بتمامه في الفتوى رقم: 36724.

وقد بينا الحد الذي تحصل به الطمأنينة في الفتوى رقم: 63567 فراجعه، وينبغي لك أن تأمر تلك الجماعة بالمعروف وتدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة: قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم.

وقال: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.

فإذا دعوتهم بالحكمة وبينت لهم الصواب بأدلته وكلام أهل العلم ممن يحترمون أقوالهم من أئمة المالكية وغيرهم فلعلهم يستجيبون لك ويتركون تلك الأمور المخالفة لهدى الشارع الحكيم، وعلى كل فلا يجوز لك الاقتداء بإمام لا يأتي بالطمأنينة الواجبة، نسأل الله تعالى لك الهداية والتوفيق إنه سميع مجيب.

والله أعلم.