عنوان الفتوى : حكم تصميم برنامج يستخدم في بطاقات الائتمان
أعمل في شركة برامج كمبيوتر، وقمت بعمل برنامج مبيعات لإحدى الشركات، إحدى طرق البيع هي عن طريق استخدام البطاقات الائتمانية حيث يقوم البرنامج بتخزين رقم البطاقة والمبلغ (دون زيادة أو نقصان) ثم ترسل هذه الأرقام والمبالغ إلى البنك من أجل خصم المبلغ من المشتري (دون أي زيادة)، هل هذا العمل بهذه الصورة جائز، وبعض الشركات قد يستخدمون هذا البرنامج في بيع مواد غير مباحة (كالسجائر وما شابهها) هل أنا أكون قد أعنتهم على ذلك حيث إن هذا البرنامج برنامج مبيعات وبإمكان أي شركة استخدامه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل في عمل هذه البرامج هو الحل، لكن إذا كانت هذه البرامج لأمر محرم أو كان فيها إعانة على أمر محرم فهي حرام حينئذ، قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، وعليه.. فعمل برامج المبيعات للشركات جائز من حيث الأصل، لكن إذا كانت خدمة معينة في ذلك البرنامج فيها إعانة على بطاقات الائتمان الربوية فلا يجوز عمل تلك الخدمة، أما إذا كانت مما يمكن أن يستخدم في بطاقات الائتمان الربوية وفي غير الربوية فلا شيء عليك ما لم تعلم أن شركة معينة ستستخدمه في الحرام، أما مجرد الاحتمال فإنه لا يمنع من ذلك، وقل مثل ذلك في مبيعات السجائر ونحوها.
وهذه المسألة راجعة إلى مسألة الإعانة على الحرام، قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: (فلو باع العنب ممن يتخذه خمراً) بأن يعلم أو يظن منه ذلك (أو الأمرد من معروف بالفجور) به (ونحو ذلك) من كل تصرف يفضي إلى معصية، كبيع الرطب ممن يتخذه نبيذاً، وبيع ديك الهراش، وكبش النطاح ممن يعاني ذلك (حرم) لأنه تسبب إلى معصية.
وقال ابن حجر الهيتمي في الكبائر: والظن في ذلك كالعلم.
وقال ابن مفلح في الفروع: ولا يصح بيع ما قصد به الحرام كعصير لمتخذه خمراً، قطعاً، نقل الجماعة: إذا علم، وقيل: أو ظنا، واختاره شيخنا.
وفي الموسوعة الفقهية الكويتية: اشترط الجمهور للمنع من هذا البيع، أن يعلم البائع بقصد المشتري اتخاذ الخمر من العصير، فلو لم يعلم لم يكره... كما ذكره القهستاني من الحنفية، وهو صريح كلام المرغيناني الآنف الذكر، وكذلك قال ابن قدامة: إنما يحرم البيع إذا علم البائع قصد المشتري لذلك: إما بقوله، وإما بقرائن مختصة به تدل على ذلك، أما الشافعية فاكتفوا بظن البائع أن المشتري يعصر خمراً أو مسكراً، واختاره ابن تيمية، أما إذا لم يعلم البائع بحال المشتري أو كان المشتري ممن يعمل الخل والخمر معا، أو كان البائع يشك في حاله، أو يتوهم: فمذهب الجمهور الجواز، كما هو نص الحنفية والحنابلة، ومذهب الشافعية أن البيع في حال الشك أو التوهم مكروه.
أما عن عملك في الشركة فلا حرج عليك في البقاء فيه بشرط أن لا تعمل أو تصون برنامجاً فيه حرام أو إعانة على حرام، فإذا أجبروك على ذلك فاتركهم، وتذكر أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه (مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) {الطلاق:2-3}.
والله أعلم.