عنوان الفتوى : حكم بيع ما يستعان به على المعصية وإن كان مباحاً.
نسأل فضيلتكم عن العمل فى محل للحلويات يباع فيه ترت؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كنت تقصد بالترت (الكيك المصنوع من البيض والدقيق المغطى بالقشدة ونحوها) فالأصل أنه لا حرج في بيعه ما دام مصنوعاً من مواد مباحة وليس فيه مواد محرمة كالخنزير أو الخمور، وتبعاً لذلك فلا حرج في العمل في محل يبيع هذه الترت، لكن إن علم البائع أن المشتري يشتريه لاحتفال ممنوع مثل الاحتفال بعيد ميلاد شخص أو الاحتفال بعيد الكريسمس ونحو ذلك، فلا يجوز أن يبيع له، فقد نص العلماء على تحريم بيع الشيء لمن يعلم أو يغلب على الظن أنه سيستعين به على المعصية، واستدلوا على ذلك بعموم قوله جل وعلا: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
قال الإمام ابن قدامة في المغني: قال الإمام ابن عقيل: وقد نص أحمد رحمه الله على مسائل نبه بها على ذلك فقال في القصاب والخباز: إذا علم أن من يشتري منه يدعو عليه من يشرب المسكر لا يبيعه. فهذا النص عن الإمام أحمد يبين أنه لا يجوز بيع ما يستعان به على المعصية وإن كان في ذاته مباحاً.
وقال شيخ الإسلام في الفتاوى : وقد كره جمهور الأئمة -إما كراهة تحريم، أو كراهة تنزيه- أكل ما ذبحوه لأعيادهم وقرابينهم إدخالاً له فيما أُهِل به لغير الله، وما ذبح على النصب، وكذلك نهوا عن معاونتهم على أعيادهم بإهداء أو مبايعة، وقالوا: إنه لا يحل للمسلمين أن يبيعوا للنصارى شيئاً من مصلحة عيدهم، لا لحماً، ولا دماً، ولا ثوباً، ولا يعارون دابة، ولا يعاونون على شيء من دينهم، لأن ذلك من تعظيم شركهم، وعونهم على كفرهم، وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك، لأن الله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. ثم إن المسلم لا يحل له أن يعينهم على شرب الخمور بعصرها أو نحو ذلك، فكيف على ما هو من شعائر الكفر. وراجع للأهمية الفتوى رقم: 1319، والفتوى رقم: 7094.
والله أعلم.