عنوان الفتوى : كرم الأخلاق يقتضي العفو عن زلات الآخرين
السلام عليكم و رحمة اللهشخص أخطأ في عرض أخيه ، ولكنه ندم وطلب من أخيه الصفح و المسامحة ولكن أخاه رفض أن يسامحه مع أن الشخص صادق وتاب عن ذنبه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على من ارتكب خطأ نحو أخيه، بالنيل من عرضه بغيبة، أوسب، أو لعن، أو نحو ذلك أن يستسمحه، ويطلب منه الصفح والعفو عما بدر منه، وعلى الأخ الذي نيل من عرضه أن يقبل عذر أخيه، فإن العذر عند كرام الناس مقبول، كما قيل. والله تبارك وتعالى أعد جنته للكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، وهو ـ سبحانه ـ يعطي بمنه وكرمه هذا العافي أعظم من حقه الذي تنازل عنه ، كيف لا وهو الذي دعاه إلى العفو! . ولكن الشيطان هاهنا حريص على إبقاء أسباب العداوة وغل الصدور الموجب للقطيعة بين المسلم وأخيه . وإذا لم يقبل العذر فليس أمام من يقع في أعراض الناس إلا الإكثار من أعمال البر، وتنويع الأعمال التي تزداد بها الحسنات، فقد ورد في الحديث الصحيح أن "المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار" رواه الإمام أحمد وغيره.
فمن فعل ما يجب عليه نحو أخيه كما سبق، واستكمل باقي شروط التوبة، فالله تبارك وتعالى يقبل توبته، لأن من تاب تاب الله عليه، ولا منافاة بين قبول التوبة من الله ـ الذي يمن بتجاوزه عن حقه تعالى ـ وبين تمسك صاحب الحق بحقه الذي يعني أنه قد يستوفيه من حسنات من نال منه يوم القيامة .
وقد يكون من تمام توبة الله عليه، وكرمه وحبه للتوابين أن يتولى هو إرضاء الخصم عنه بدون أن يأخذ شيئاً من حسناته. والله أعلم.