عنوان الفتوى : سجود السهو لترك السنن
الرجاء الإجابة على الأسئلة التالية مع الأدلة، جزاكم الله خيراً. ما حكم إذا ما نسيت سنة من سنن الصلاة المفروضة ولم أقم بسجود السهو عمدا؛ فهل الصلاة صحيحة أم باطلة ، وما حكم إذا ما نسي الإمام إحدى سنن الصلاة ولم يقم بسجود السهو متعمدا؟ وأرجو منكم أن تكون الإجابة في وقت قريب إن شاء الله مع ذكر اسم المفتي وجزاكم الله ألف خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 28891 مذاهب الفقهاء في حكم سجود السهو، فعلى السائل أن يراجعها أولاً ليعلم حكم سجود السهو عند الفقهاء هل هو واجب أو سنة.
ونحن نوضح هنا الحكم فيمن ترك سجود السهو عند الفقهاء، فالحنابلة قسموا أعمال الصلاة إلى أركان وواجبات وسنن، ومذهبهم أن من ترك سجود سهو نشأ عن ترك واجب من واجبات الصلاة بطلت صلاته، ولا تبطل بترك غير الواجبات مثل السنن، وقد أوضحنا مذهبهم في الفتوى رقم: 4831، والفتوى رقم: 12455.
وأن مذهب الأحناف قريب منهم، وعند المالكية تبطل الصلاة إن ترك عمداً أو سهواً سجود سهو نشأ عن ترك ثلاث سنن فأكثر فعلية كانت أو قولية عمدا أو سهوا إذا لم يتدارك سجوده قبل حصول الطول أو الخروج من المسجد، قال الخرشي وهو مالكي عند قول خليل: وبترك قبلي عن ثلاث سنن وطال -يعني أن الصلاة تبطل بترك سجود السهو الذي قبل السلام إذا كان عن نقص ثلاث سنن وطال قولية كثلاث تكبيرات أو اثنتين مع تسميعة أو فعلية كترك الجلوس غير الأخير...- أو قولية وفعلية كترك السورة لاشتمالها على نفسها والقيام لها وصفتها من سر أو جهر. انتهى، يعني بقوله لاشتمالها على نفسها، أي أن السورة نفسها سنة والقيام لها سنة وصفتها من سر أو جهر سنة.
وعند الشافعية أن غير الأركان من أعمال الصلاة ضربان أبعاض وغير أبعاض، فالأبعاض مثل التشهد الأول والجلوس له والقنوت والقيام له وكذا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا تركها في التشهد الأول على أنها سنة ، وعلى القول بعدم سنيتها فلا سجود في تركها وكذلك الصلاة على الآل في التشهد الأخير على القول بأنها سنة وليست بواجبة، قال النووي: وكل واحد من هذه الأبعاض مجبور بسجود السهو إذا تركه سهواً لحديث عبد الله بن بحينة أن النبي صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين فلما جلس من أربع انتظر الناس تسليمه فسجد قبل السلام. وإن تركه عمدا فوجهان: أحدهما: لا يسجد لأن السجود مشروع للسهو وهذا غير ساه... والثاني: وهو الصحيح باتفاق الأصحاب يسجد لأنه إذا شرع للساهي فالعامد المقصر أولى.
وأما غير الأبعاض كالتعوذ ودعاء الاستفتاح ورفع اليدين والتكبيرات والتسبيحات والدعوات والجهر والإسرار والتورك والافتراش والسورة بعد الفاتحة ووضع اليدين على الركبتين وتكبيرات العيد الزائدة وسائر الهيئات المسنونات غير الأبعاض فلا يسجد لها سواء تركها عمداً أو سهواً. انتهى.
ومنه يعلم أن من تعمد ترك سجود السهو لا تبطل صلاته عند الشافعية، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 51686، والفتوى رقم: 8330.
واعلم أنه لا فرق في هذا الحكم بين ترك الإمام لسجود السهو عمدا وبين المنفرد، وأما المأموم فإذا سها وراء الإمام فلا سهو عليه في غير الأركان، وخلاصة القول أنه لا ينبغي للمسلم أن يتعمد ترك سنة من سنن الصلاة لما في ذلك من مخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم مع أن ذلك قد يكون مبطلاً لصلاته وخصوصاً إذا ترك واجباً من واجبات الصلاة عند الحنابلة ولم يسجد أو ترك ثلاث سنن ولم يسجد عند المالكية.
والله أعلم.