عنوان الفتوى : العلاج الشرعي للسحر
زوجتى وأهلها جميعاً يعتقدون في وجود أعمال قد صنعها أحد الجيران لهم وهم متأذون بالفعل من هذا لدرجة أني وأنا أحد أزواج البنات متأذ بهذا الفعل . وقاموا بإحضار أحد الأشخاص الذين يقاومون هذه الأعمال اليوم وقامو بإعطائنا بعض الأوراق لإذابتها في الماء وقراءة بعض آيات القرآن ( سورة الإخلاص 365 مرة) قبل النوم لمعرفة من هو صاحب هذا العمل . وقد ذكر هذا الرجل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد سحر وأن السيدة عائشة هي أيضاً قد سحرت . وأنا لا أدري ما هي الحقيقة . مع العلم بأني لا أؤمن إلا بالله سبحانه وبأن لا شيء لا يضر مع اسم الله في الأرض ولا في السماء ولكني لا أقوى على رد زوجتي أو أهلها فهم مقتنعون بهذا الكلام وهم لا يعرفون أسباباً أخرى لما يحدث لهم من شجار أوعصبية زائدة أو أمراض . وللعلم قد قام هذا الرجل يعمل حجامة لهم وأنا مع اقتناعي بفائدة الحجامة وورودها في حديث عن الرسول الكريم إلا أني رفضت أن يقوم بعمل تلك الحجامة لي . أفيدوني أفادكم الله فأنا مشغول جداً بهذه القضية ولا أريد أن تتأذى ابنتي بهذه التصرفات العشوائية . ومن أسباب تعلق زوجتي بهذا الكلام سببان : أولهما أن شقيقتها قد تم فسخ خطبتها من أحد الأشخاص بعد فترة قصيرة وعدم وجود أسباب لذلك حيث إنها تتمتع بخلق حسن وتواظب على الصلاة وتعليمها عال. والسبب الآخر هو أن ابنتنا وهي طفلة في الشهر الثامن عشر لم تستطع المشي إلي الآن وقد ذكر الأطباء المتابعون لحالتها بأنها سليمة 100% ولا تعاني من أي خلل عضوي وأن هذا مجرد تأخر في النمو ... وزوجتي قد اقتنعت بأن هذا إنما جاء من تأثير وصول هذا العمل لابنتنا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن السحر حقيقة ثابتة بالقرآن والسنة قال الله تعالى: يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ .{البقرة: 102}. وقال تعالى عن سحرة فرعون: سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ . {لأعراف: 116}. وروى البخاري عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه سحره لبيد بن الأعصم اليهودي. وكذلك روى أحمد والحاكم والدارقطني أن عائشة أم المؤمنين سحرتها جارية لها. والحديث صححه الحاكم والذهبي وراجع الفتاوى: 502 ، 14622، 24556. وللسحر تأثير على من ابتلي به، ولا يصيب الإنسان إلا بتقدير الله تعالى وقدره مثل سائر الأمراض والبلايا قال تعالى: وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ{البقرة: 102}. وراجع الفتوى رقم: 26485، وعلاج السحر يكون بالرقية الشرعية من القرآن والأذكار، والأفضل أن يرقي المرء نفسه ، ويباح له طلب الرقية من غيره ممن عرف بالاستقامة والورع والتقوى، وراجع الفتوى رقم: 58433، ولمعرفة الرقية الشرعية، راجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 4310 ، 5252، 2244. أما قراءة سورة الإخلاص وغيرها من سور القرآن فهي رقية شرعية جائزة فقد ثبت في حديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه بالمعوذات ـ سورة الإخلاص والمعوذتين ـ فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها. متفق عليه. أما تحديد عدد معين في القراءة، وجعله سببا لمعرفة من عمل السحر فلا يجوز. وقد منع من هذا التحديد في القراءة العلامة ابن باز رحمه الله وراجع الفتاوى ذوات الأرقام: 36001 ، 6604 ، 55151. كما أنه لا تثبت معرفة فاعل السحر إلا باعتراف منه أو بدليل قطعي يثبت ذلك بالإضافة إلى أن معرفة فاعل السحر لا فائدة منه في علاج السحر. وفي كثير من الأحيان قد يكذب الجن ليوقع العداوة والبغضاء بين الناس. أما الحجامة فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم عليها كما سبق في الفتوى رقم: 33261. ولكنها ليست رقية ولا علاجاً للسحر. وننبه إلى أنه لا يجوز أن يحجم الرجل المرأة أو العكس لما في ذلك من محاذير شرعية من كشف العورات ومس الأجانب. وعليه فيجب عليك عدم التعامل مع هذا الراقي إذا علمت أنه يمارس رقية غير شرعية، كما يجب عليك بذل النصحية لما يلم بهم من نكبات وأمراض فلعلها تكون غير متعلقة بالسحر، وإلا فالبحث عن راق آخر يعالج بالرقية الشرعية.