عنوان الفتوى : مبنى الوكالة على الأمانة
لي عمة كبيرة في السن لا تدرك قيمة ومعنى ما لديها من مال أوممتلكات ولا تدري حتى أين تقع هذه الممتلكات ونادرا ما خرجت من بيتها إلا لضرورة العلاج. وكلت منذ سنوات أخي الأكبر للقيام نيابة عنها بإدارة هذه الممتلكات وتم توثيق ذلك في المحكمة. علما أن عمتي لم تتزوج قط وليس لها أولاد ولا أم ولا إخوة غير والدي المتوفى، لذا لا يرثها بعد عمر طويل إن شاء الله غيري وإخوتي . نما إلى علمي موخرا أن الوكيل(أخي) قام بتسجيل معظم ممتلكات عمتي باسمه واسم زوج ابنته وباسم أشخاص آخرين إضافة إلى التصرف بالمبالغ النقدية التي ليس لدي حصر بها وللأمانة أعتقد أنه تم ذلك بعلمها ولكن كما أسلفت سابقا لا تفهم من علم البيع أو الهبة أو قيمة الممتلكات أو غيره من شيء. وهذا هو السبب في تقديري الذي حدا بأخي للتصرف بأملاكها على هذه الشاكلة. سماحة الشيخ السوال الأول: هو يجوز للوكيل شرعا أن يضع يده على هذه الأملاك عن طريق الهبة أو البيع لنفسه أو لغيره؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالوكالة إذا تمت بعلم وتوثيق المحكمة الشرعية فالأصل أنها وكالة صحيحة، ويجب على الوكيل الالتزام بأحكامها، وأول تلك الالتزامات هو التزام الأمانة في تصرفاته فيما وُكِل فيه، فإن مبنى الوكالة على الأمانة، وتقتضي الأمانة التزام الوكيل التزاماً دقيقاً بنصوص عقد الوكالة، وإلا كان متعدياً ويتحمل مغبة ذلك التعدي، كما أن من مقتضيات الأمانة أن يعمل الوكيل بالأحظ للموكل. جاء في منهاج الطالبين: الوكيل بالبيع مطلقاً ليس له البيع بغير نقد البلد ولا بنسيئة ولا بغبن فاحش وهو ما لا يحتمل غالباً، فلو باع على أحد هذه الأنواع وسَلَّم المبيع ضمن. اهـ.
وعليه؛ فتصرفات هذا الوكيل إذا كانت من جنس ما تقدم فهو ضامن لمال موكله، ولا ريب أن هبة الوكيل من مال موكله بدون إذن يعد تفريطاً واعتداء على مال الموكل، وأنه ضامن لهذه الهبة.
وأما حكم بيع الوكيل لنفسه أو ولده فقد تقدم في الفتوى رقم: 51388.
هذا؛ وإذا ثبت أن الوكيل خائن للأمانة ومفرط في الوكالة فإن واجب النصيحة يقتضي حجزه ومنعه عن ظلمه وتعديه بأي وسيلة مشروعة كنصحه وتنبيهه إلى خطورة ما يفعله، فإن تاب ورجع -فذلك المطلوب- وإلا اشتكى عليه إلى المحكمة، ولا يحل لإخوته الذين وقفوا على حقيقة أفعاله المخالفة للشرع أن يسكتوا عن هذا المنكر اجلالاً لأخيهم، فإن الحق أجل وأعظم من أي شخص كائناً من كان، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ {النساء: 135}.
ثم إنه إذا كانت هذه المرأة غير رشيدة فلا عبرة بهبتها ولا بتنازلها ولو بعوض، وعلى أخيكم أن يعلم ذلك ويأخذ بمقتضاه، فإن لم يفعل فإن عليكم إطلاع المحاكم الشرعية على حقيقة الأمر، واعلموا أن السكوت عن هذا لايجوز، والمفسدة فيه أعظم من مفسدة غضب أخيكم أو توتر علاقته بكم.