عنوان الفتوى : الحلال البين والمشتبهات
ما هو الفرق بين الأصل في الأشياء الجواز والابتعاد عن الشبهات؟ أرجوكم أمثلة لأتبين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الراجح من كلام أهل العلم أن المشتبهات هي ما تعارضت فيه الأدلة، فلا يعرف الكثير من الناس هل هي جائزة أو محرمة، يبين هذا قوله صلى الله عليه وسلم: الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. متفق عليه. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: والذي يظهر لي رجحان الأول يعني أن المشتبهات هي ما تعارضت فيه الأدلة. وقال الشوكاني في رسالة: كشف الشبهات عن المشتبهات. ص9 وما تعارضت أدلته، فيه أعظم الإشكال، وكذا ما اختلف فيه العلماء، لكن بالنسبة إلى المقلد، لأنه لا يعرف الحق والباطل ولا يميز بينهما إلا بواسطة أقوال أهل العلم الذين يأخذ عنهم ويقلدهم، وليس له من الملكة العلمية ما يقتدر به على الوصول إلى دلائل المسائل، ومعرفة العالي منها والسافل، فإذا اختلف عالمان في شيء، فقال أحدهما: إنه حلال، وقال الآخر: إنه حرام، وكان كل واحد منهما في العلم يساوي الآخر في نظر المقلد، فلاشك ولا ريب أن هذا الشيء الذي اختلف فيه العالمان لا يصح أن يقال هو من الحلال البين ولا من الحرام البين بالنسبة إلى ذلك المقلد، وكل شيء لا يصح أن يكون أحد هذين الأمرين، لا ريب أنه من المشتبهات. فالمشتبهات إذاً لا يتضح حكمها لكثير من الناس، أهي من الحلال أم من الحرام، وأما قاعدة: الأصل في الأشياء الجواز. فهي من قسم الحلال البين، قال الشوكاني ص 17 من نفس الرسالة: ولا ريب أن المباح إن وقع النص من الشارع على كونه مباحا أو حلالا، فهو من الحلال البين، وهكذا إن سكت عنه ولم يخالف دليل العقل، ولا شرع من قبلنا، فهو أيضا من الحلال البين، لأنه صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا أن ما سكت عنه فهو عفو ( الحديث رواه الترمذي) فمثل ما ذكرناه من المباح، إذا لم يكن ذريعة للوقوع في الحرام، لا شك أنه لا يصلح إدراجه في المشتبهات، ولا تفسيرها به، بل من المباح.