عنوان الفتوى : الكافر المخلد في نار جهنم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالكافر هو من مات على غير ملة الإسلام، أما من لم يسمع بالإسلام قط أو بلغتهم الدعوة الإسلامية مشوهة وغير صحيحة فالصحيح أنهم يمتحنون يوم القيامة، كما سبق بيانه مفصلاً في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39870، 42857، 56323، 3191، 48406.
أما من سمع عن الإسلام من خلال الأخبار وما شابه فالواجب عليه أن يبحث عن الإسلام، فإن لم يفعل وكان قادراً على البحث والنظر فهو كافر مخلد في النار، قال في الموسوعة الفقهية: من بلغته الدعوة من الكفار إلى دين الإسلام وما فيه من الحق وجب عليه المبادرة إلى قبوله والرضا به، ومتابعة الداعي إليه وأن يعلم أن ذلك خير ساقه الله إليه، وفتح له به باباً ليدخل إلى مأدبته كما في الحديث الذي رواه البخاري عن جابر قال: جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم ....إلى أن قال: فقالوا مثله كمثل رجل بنى داراً وحمل فيها مأدبة، وبعث داعياً فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة. فأولوا الرؤية فقالوا: الدار الجنة، والداعي محمد، فمن أطاع محمدا فقد أطاع الله ومن عصى محمدا صلى الله عليه وسلم فقد عصى الله.
وينبغي أن يعلم المدعو أنه بمجرد بلوغ الدعوة له بصورة واضحة فقد قامت عليه حجة الله، فإن لم يؤمن بالله ورسوله استحق عقوبة المشركين الكافرين لقول الله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً. وقوله صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار. انتهى.
قال أبو محمد ابن حزم: فكل من كان في أقاصي الجنوب والشمال والمشرق وجزائر البحور والمغرب وأغفال الأرض من أهل الشرك فسمع بذكره صلى الله عليه وسلم ففرض عليه البحث عن حاله وأعلامه والإيمان به، أما من لم يبلغه ذكره صلى الله عليه وسلم فإن كان موحداً فهو مؤمن على الفترة الأولى صحيح الإيمان لا عذاب عليه في الآخرة وهو من أهل الجنة، وإن كان غير موحد فهو من الذين جاء النص بأنه يوقد له يوم القيامة نار فيؤمرون بالدخول فيها، فمن دخلها نجى ومن أبى هلك، قال الله تعالى: مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً. فصح أنه لا عذاب على كافر أصلاً حتى يبلغه نذارة الرسول، وأما من بلغه ذكره صلى الله عليه وسلم وما جاء به ثم لا يجد في بلاده من يخبره عنه ففرض عليه الخروج عنها إلى بلاد يستبرئ فيها الحقائق. انتهى.
أما من وصلتهم رسالة الإسلام من غير طريق أهل السنة فآمنوا بالله وعبدوه على حسب ما وصلهم فهم معذورون بجهلهم، قال الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا {الطلاق:7}، وقال تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286}، ومعذورون ببعدهم عن ديار المسلمين وعلمائهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وفي أوقات الفترات وأمكنة الفترات يثاب الرجل على ما معه من الإيمان القليل ويغفر الله فيه لمن لم تقم الحجة عليه ما لا يغفر به لمن قامت الحجة عليه، كما في الحديث المعروف: يأتي على الناس زمان لا يعرفون فيه صلاة ولا صياماً ولا حجاً ولا عمرة إلا الشيخ الكبير والعجوز الكبير يقولون أدركنا آباءنا وهم يقولون لا إله إلا الله، فقيل لحذيفة بن اليمان ما تغني عنهم لا إله إلا الله، فقال: تنجيهم من النار. انتهى.
وأما من وجد من يعرفه طريق أهل السنة ويصحح له خطأه بالحجة والبرهان الصحيح فيجب عليه اتباعه، فإن استمر على المخالفة فيحكم عليه على قدر مخالفته.
أما اليهود والنصارى فقد سبق أن أصدرنا فتاوى بينا فيها أنهم مخلدون في النار، فليرجع إليها وهي ذات الأرقام التالية: 5750، 44136، 2924.
وأما حدود الرسالة الصحيحة فكل ما ورد في القرآن والسنة الصحيحة بفهم سلف الأئمة، ولمعرفة أسس دعوة النصارى راجع الفتوى رقم: 20818، وننصحك بمراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8580، 7583، 28335.
والله أعلم.