عنوان الفتوى : التعامل بالمقامرة بغرض التصدق بالعائد
كنت قد مررت بأزمة مالية خانقة , فتوسط لي أحدهم للحصول على قرض من البنك يساعدني على الهجرة إلى أمريكا...و كنت قد أقسمت عندها أن أتخلى عن لعب القمار إن حصلت على القرض...ولكن الهجرة لم تتم...رغم محاولات عدة.عندها عاودت اللعب...وفي إحدى الأيام و بينما كنت أملأ الاستمارة (التي بها سأربح ما تيسر من المال !!!)...قلت في نفسي : ما دمت قد أقسمت من قبل ولم أف بوعدي لشخصي وللخالق...فلن أقسم هذه المرة!يومها لعبت وربحت....ومنذ ذلك الحين لم أجازف ولو بفلس واحد : سنتان و نصف ! هناك نوع من القمار يتجلى في شراء ورقة يانصيب وحكها لمعرفة إن كانت الورقة رابحة أم لا ....الذي يثير الانتباه والدهشة معا هو الإقبال الجماهيري الكبير و ...الغبي في نفس الوقت ... على هدا النوع من المجازفة !...والذي لا يتحكم في جل أطواره سوى الشركة المنظمة للمسابقة !!! ?فلمادا لا أجازف أنا بمالي الخاص في مسابقات أخرى يمكنني التحكم ولو جزئيا في بعض أطوارها ...وإذا كتب لي أن أفوز ...أحتفظ ب 10% لاحتياجاتي اليومية ...وأخصص ال 90% المتبقية لأعمال اجتماعية وخيرية تعود بالنفع على فئة من المسلمين لا حول و لا قوة لها وسط هذه الحشود المثكاثرة والمتوحشة.....من المسلمين أنفسهم !!!! ?شكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك في حرمة هذه المعاملة لأنها مقامرة صريحة والتعامل بالمقامرة حرام بنص الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم.
والاتكاء على كون المال الخارج من هذه العملية يستخدم في غرض صحيح كالتصدق على الفقراء ونحو ذلك لا يبيح ما حرم الله، فإن الوسائل لها أحكام المقاصد، بمعنى أنه إذا كانت الغاية مشروعة فلابد أن تكون الوسيلة مشروعة كذلك، فلا يجوز مثلا بيع الخمر بنية التصدق بالثمن أو الربح ولا يجوز للمرأة أن تزني بنية التصدق بمهر عهرها وهكذا...
ويجب أن يعلم أن الله لا يقبل إلا الكسب الطيب، قال صلى الله عليه وسلم: أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إنى بما تعملون عليم، وقال: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يارب يارب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له. رواه مسلم.
هذا في حكم الإقدام على هذا العمل، أما من كان متلبسا به وتاب إلى الله وأراد التخلص منه، فله أن يصرف ما تحصل عليه منه في أوجه البر بل إن ذلك لازم له.
والله أعلم.