عنوان الفتوى : الأمية من صفات النبي الخاتم دون سائر الأنبياء
هل يوجد دليل من القرآن أو السنة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو النبي الأمي الوحيد أم أن هناك من الأنبياء الذين سبقوه من كان أميا أيضا ولكم مني الشكر الكبير
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نقف على دليل شرعي من الكتاب والسنة يدل على أن غير نبينا صلى الله عليه وسلم من الأنبياء كان أميا.
والأمية وصف وصف الله تعالى به نبينا صلى الله عليه وسلم في محكم كتابه؛ كما قال تعالى: وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ {العنكبوت: 48}. وهي وصف كمال في حقه صلى الله عليه وسلم ووصف نقص في غيره، لأنها من كمال معجزاته، فلا يمكن لبشر أمي أن يأتي بهذه المعارف التي فاقت التصور وبهرت العقول إلا إذا كان مؤيدا بوحي الله تعالى.
وهي أبرز أوصافه بعد الرسالة والنبوة في كتب الأنبياء السابقين الذين بشروا أممهم ببعثته صلى الله عليه وسلم وأمروهم بمتابعته.. كما قال تعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ {الأعراف: 157}.
فالأمية إذاً من صفاته الخاصة ونعوته التي لا يشبهه فيها غيره من الأنبياء، وإلى هذا المعنى يشير العلامة ابن عاشور في تفسيره "التحرير والتنوير" فيقول: والأمية وصف خص الله تعالى به من رسله محمدا صلى الله عليه وسلم إتماما للإعجاز العلمي العقلي الذي أيده الله تعالى به، فجعل الأمية وصفا ذاتيا له ليتم بها وصفه الذاتي وهو الرسالة، ليظهر أن كماله النفساني كمال لدني إلهي لا واسطة فيه للأسباب المتعارفة للكمالات، وبذلك كانت الأمية وصف كمال فيه، مع أنها في غيره وصف نقصان، لأنه لما حصل له من المعرفة وسداد العقل ما لا يحتمل الخطأ في كل نواحي معرفة الكمالات الحق، وكان على يقين من علمه وبينة من أمره، ما هو أعظم مما حصل للمتعلمين صارت أميته آية على كون ما حصل له إنما هو من فيوضات إلهية.
والله أعلم.