عنوان الفتوى : كفران العشير يكون من الزوج كذلك
سؤالي هو هل للذكر مثل نصيب الأنثى في العقاب يوم القيامة عند نكران العشرة، فأنا لي والدة تزوجت من أبي من حوالي 25 سنة وخدمته بكل أمانة ولم تشترط عليه خدما مع أنها في أمس الحاجة للخدم ولقد أنجبت له أحد عشر طفلا وعمرها الآن أربعون سنة وخدمتهم بنفسها..وبكل بساطة في أي مشكلة من الأولاد (مشاكل عائلية ) يقول لها إنها لم تفعل له خيرا في حياته معها مع أنها صابرة عليه فهو حاد الطباع لا يقترب منه الناس كثيرا لأنهم يخافون منه مع أنه طيب إلا أنه يخيف من حوله وهو كريم ومحافظ على دينه بدرجة كبيرة أي أنه تقريبا إمام مسجد وزوجته لا تتطلب كثيرا لنفسها وكل ما تطلب منه هو عندما تنفذ المؤونة من البيت تخبره وهو حتى في هذا يشتكي أي كأنه يريد مضايقتها بأي وسيلة كانت حتى أنه في بعض الأحيان يقول لها إني لست راضيا عنك وإن الملائكة سوف تلعنك ماذا تفعل لترتاح فهي في غاية الحزن .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلاشك أن الشارع أمر بمقابلة الإحسان بالإحسان وحث على مكافأة المحسن. وفي المقابل ذم بل وحرم كفران النعم وأوجب شكرها، قال تعالى: هَلْ جَزَاءُ الْأِحْسَانِ إِلَّا الْأِحْسَانُ {الرحمن:60}. وقال صلى الله عليه وسلم: ومن أتى إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا فادعو له حتى تعلموا أن قد كافأتموه. وهذه النصوص عامة لم تخصص جنساً دون جنس، فكل من أُحسِن إليه أو قُدِّم له معروف، فعليه مقابلة ذلك بما يستطيع، وحرم عليه كفران ذلك المعروف. وكفران العشير الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المتصفات به من النساء دخلن بسببه النار، لا يدل على خصوص النساء بذلك وأن كفران النعم في حق الرجال أخف، بل الاتصاف بتلك الصفات سبب من أسباب دخول النار لا فرق في ذلك بين المرأة والرجل، وقد عد الحافظ ا بن حجر في فتح الباري في معرض كلامه على هذا الحديث فيما يستفاد منه: تحريم كفران الحقوق ووجوب شكر المنعم.
لذا فإنا نوصي هذا الرجل بالإحسان إلى زوجته ومقابلة خدمتها له ورفقها به بالمبالغة في إكرامها والاعتراف لها بالجميل. وأما بشأن أمك فعليها أن تتذكر أن طاعتها لزوجها لأمرين: الأول: أن يرضى الله عنها، فإن طاعة المرأة لزوجها طاعة لله حيث إنه سبحانه أمر بطاعة الأزواج، ووعد الطائعة خيرا ففي الحديث عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي من أي أبواب الجنة شئت. قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد والطبراني في الأوسط. وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح. الثاني: أن تتحبب لزوجها، وتكسب وده. فإذا فاتها الثاني فلا يفوتها الأول وهو أعظم ما يناله الإنسان أعني رضا الله تعالى.
ثم إننا نوصي هذا الزوج بوصية الرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال في الحديث المتفق عليه: استوصوا بالنساء خيرا؛ فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا. وقوله صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي وغيره. فإذا فعلت المرأة ما عليها من طاعة زوجها، ثم دعا عليها فإنه معتدٍ في الدعاء، فلا عليها منه، ولا ينبغي أن تتألم لذلك .