عنوان الفتوى : وجود الرسول بيننا الآن هل يعين على اتباع الدين
عندما أتذكر أو أقرأ شيئا عن الرسول ينتابني شعور بالبكاء وأقول في نفسي لو كان الرسول موجودا بيننا لما عانينا في معرفة أمور ديننا ولسهل علينا طاعة ربنا بيسر ودون عناء هل هذا يخالف الشرع وينافي التوحيد؟ وجزاكم الله خيراً، وبارك ونفع بكم أمته..اللهم آمين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن البكاء عند تذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أو قراءة سيرته إن كان بسبب الشوق إليه وحبه صلى الله عليه وسلم، فإنه لا حرج فيه، بل إنه يعتبر من علامات قوة الإيمان، وهو دليل على أن مآل الباكي هو الجنة -إن شاء الله- فقد قال صلى الله عليه وسلم: المرء مع من أحب. متفق عليه من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وعلامة حبك لله ولرسوله هي أن تجتهد في اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {آل عمران:31}.
وأما كون وجود الرسول صلى الله عليه وسلم اليوم يؤدي لسهولة تمسكنا بالدين، فالجواب عليه أنه ليس يلزم من وجوده بيننا تمسكنا بالدين، فإن من عاصروه من الناس كان منهم من مات على الكفر، ومنهم من كان منافقاً، وإنما يحصل اتباع الشرع بعد توفيق الله تعالى بمجاهدة العبد نفسه حتى يتعلم الأوامر الشرعية، ويعمل بها، ويدعو الناس لذلك، ويدل لذلك قول الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}، ثم إن تمني وجوده صلى الله عليه وسلم بيننا الآن يعتبر من تمني المحال شرعاً وعقلاً، ولا فائدة تحصل منه، وراجعي الفتوى رقم: 54245.
والله أعلم.