عنوان الفتوى : الاقتراض بالربا لا يباح إلا عند الضرورة الملجئة
أنا مواطن عربي مسلم من العراق، أسكن في الغربية في فلندة لقد هاجرت من بلدي بحثا عن المال، ولقد أصبحت إقامتي في فلندة، وفلندة بلد صعب أن تجد فيه عملاً، هناك أعمال إن لم تكن هي الوحيدة المتوفرة في هذا البلد وهو العمل بالمطاعم التي تقدم لحم الخنزير أو اللحوم التي لم يذكر عليها اسم الله عز وجل، خمس سنوات وأنا أبحث عن عمل وهي مدة إقامتي، لكوني مقيم في فلندة لي الحق بأن آخذ قرضاً وأفتح مشروعاً ولكن الذي يحول بيني وبين ذلك القرض هو الفائدة الربوية، هنا في فلندة يحصل كل شخص عاطل عن العمل على مساعدة مالية شهرية تكفيه الأكل لمدة شهر، ولكن لا يستطيع أن يوفر منها، سؤالي هو: هل يجوز لي بأن آخذ قرضا من البنك قرضاً ربوياً، لأني لا أملك مالا ولا أحد يساعدني ولا أي بلد عربي توفر لي السكن على أراضيها وتساعدني مادياً، مثل هنا يأخذ كل شخص يعيش على أرض فلندة راتباً شهرياً ومسكناً مجاناً لو لم آخذ قرضاً وأفتح مشروعا حلالاً فلن أغادر هذه البلد وأنقذ أولادي من الفتن والبعد عن الله، ولا بلد عربي يفتح لك أبوابه إن لم يكن عندك مال أو شهادة، وأنا لا أملك، ماذا أفعل أنصحوني؟ جزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الحال كما ذكرت، فلا يجوز لك الاقتراض بالربا، لأنك لست من المضطرين لذلك، فإن الربا كبيرة من كبائر الذنوب، وقد توعد الله تعالى المتعاملين به في القرآن أشد الوعيد، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {البقرة:278}.
ومعلوم في قواعد الشرع أن المحظورات لا تباح إلا عند الضرورات الملجئة، لقوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119}، ولا ضرورة لك هنا، فبقي حكم التحريم في حقك سارياً، ونصيحتنا لك هي اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء، والاعتصام بحبله، فإنه لا رازق ولا معطي إلا هو سبحانه، قال عز وجل: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {فاطر:2}، وراجع الفتوى رقم: 53223.
والله أعلم.