عنوان الفتوى : بين غض البصر وحجاب المرأة
سيدي السيخ الفاضل, جال في خاطري شيء عن الحجاب وعن المعنى الحقيقي له وأنواعه, وبالطبع ستقول لي هو أن تستر المرأة جميع جسدها بقماش لونه أسود ..ولكن هل هذا يكفي حقا ..لا، لا يكفي، وهنا أود إبراز نوع جديد من الحجاب استخلصته من سورة النور، ومما ذكر قبل هذه الآية,( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن ..... ) فالله أمر الرجال أولا بغض البصر ثم أمر النساء ثانيا، ولكن للأسف لم يتم تسليط الأضواء على من ذكر أولا... ما أريد قوله هو أن الحجاب هو فريضة مكملة لغض البصر وأن غض البصر فريضة ثابتة والركن الأول والأساسي من أركان الحجاب, فلو غض الرجال من أبصارهم وتابوا عن زنى العين لكان أزكى لهم وأطهر والله خبير بما يصنعون, وغض البصر هي الفريضة التي تجعل من العري حشمة وحجابا, والرجل محاسب أمام الله عن أدائه لهذه الفريضة ,وكون النساء سافرات وعاريات فهذا لا يعني أن يهتك الرجال الحجاب الذي فرضه الله عليهم فمثلا .. لو كنت في قاعة امتحان والمعلم نهاكم أن ينظر أحدكم إلى ورقة الآخر ووثق بأمانتكم وفي نفس الوقت كان زميلك كاشفا لورقة الإجابة بقصد أو من دون قصد وكانت الإجابات واضحة لمن أراد الغش وهنا هل ستغش وتخون الثقة وتبرر ذلك بأن زميلك لم يحجب الورقة هل تظن أن هذا العذر يكون مقبولا ؟؟ كان بجدر بك أن تقاوم الخيانة والشيطان ..... وهنا أود أن أساعد الرجال على مقاومة الشهوة والشيطان وزنى العين. عزيزي الشيخ الفاضل لقد فكرت إحدى زميلاتي في اختراع آلة تشبه النظارات يرتديها الرجال فيتحول العالم إلى عالم خال من النساء, لا أعلم كيف أشرح لك ولكن سأحاول وبشكل بسيط جدا, يقوم الرجال بارتداء هذه النظارات الخاصة التي ترسل نوعا من الأشعة, وترتدي النساء أقراطا حساسة لهذا النوع من الأشعة ,وعندما تصطدم الأشعة بهذه الأقراط تنعكس إلى الشاشة الموجودة في النظارة فلا يمكن رؤية أي جسم يرتدي هذه الأقراط ... هذا هو باختصار شديد وآمل أن لا تسخر من فكرة زميلتي التي نالت استحساني , هذا هو الذي أسميه الحجاب الالكتروني الذي يعتمد على فريضة غض البصر التي ذكرها الله أولا في سورة النور وهي الركن الأول من الحجاب وأركان الحجاب هي 1-غض البصر 2- البعد عن الاختلاط 3- أن تستر المرأة جسدها إلى أن يتم اختراع هذا الجهاز إذ يمكنها ارتداء الأقراط الحاجبة بدلا من التستر بالأقمشة ... والآن أريد رأيك في كل هذا فما رأيك؟ ومن فضلكم أريد كل المشايخ أن يدلوا بآرائهم .... وفي الختام أسأل الله أن يتم علينا نعمة الحجاب ويوفقنا لهذا الاختراع الذي نقهر فيه أعداء الله ودعاة الفجور بإذن الله ومشيئته تعالى وصلى الله وسلم على داعي الخير سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن السعي في سلامة المجتمع من الفتن واستخدام ما يتيسر من الوسائل المشروعة المتاحة مسؤولية كل مسلم ومسلمة، ومن الأسباب التي فرضها الله تعالى في هذه القضية غض البصر وتستر المرأة، ولا يلزم أن تكون متسترة بقماش أسود اللون.
ثم إن كلا من الجنسين مسؤول عما أوجب الله عليه ومكلف به تكليفا كاملا.
وعلينا دعوة كل منهما إلى كل ما كلف به، ومن أهم الأسباب التي فرضها الله تعالى استشعار كل من الجنسين مراقبة الله تعالى وخشيته وتقوية الوازع الإيماني.
ومن أعظم ما يعين على هذا كثرة التأمل في صفات الله تعالى وكثرة المطالعة في كتب الترغيب والترهيب.
وأما الوسيلة التي ذكرت الأخت السائلة فإنها لا تكفي في نظرنا ولا تحل المشكلة، لما فيها من التكلف الذي يجعل هذا الأمر ليس باستطاعة جميع الرجال والنساء تنفيذه.
وقد قال الله تعالى لنبيه: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ {ص: 86}. وفي صحيح البخاري عن عمر أنه قال: نهينا عن التكلف.
ولأنه لا يكفي مجرد ارتداء الأقراط ووضع النظارات إن لم يكن هناك اقتناع ورغبة إيمانية في البعد عن المعاصي وخشية تمنع الناس من الوقوع في الرذيلة والفاحشة، إذ قد يتعمد بعض الرجال رفع النظارات أو تتعمد بعض النساء رفع الأقراط كما كان البعض يتعمد إطلاق النظر والتبرج.
ثم إن هذا –على افتراض إمكانية حصوله- يؤدي إلى إزهاق بعض الأرواح، فسائقوا السيارات مثلا إذا ارتدوا هذه النظارات قد يصدمون النساء دون أن يرو أن أمامهم جسما.
وفي الختام، نسأل الله أن يهدي الجميع ويوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يحقق سلامة المجتمع مما يوقع في المعاصي.
ونشكر الأخت وزميلتها على اهتماماتهما.
والله أعلم.