عنوان الفتوى : قتل الأنبياء لا يتنافى مع كون الله لا يذل من والاه
كيف نجمع بين القول في دعاء القنوت (إنه لا يعز من عاديت ولا يذل من واليت) وبين قتل اليهود لأنبيائهم الذين هم من أولياء الله سبحانه وتعالى وإذا كانت الحماية من القتل تكون للرسل فقط أصحاب الكتب السماوية فكيف نرد على من يقول إن اليهود قتلوا الرسول صلى الله عليه وسلم بدس السم في الشاة التي أهديت له صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر وأنه ما زال يجد من ألم هذا السم إلى أن جاءته الحمى التي مات منها صلى الله عليه وسلم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا منافاة بين ما في دعاء القنوت من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: وإنه لا يذل من واليت. وبين ما ابتلي به أنبياء الله تعالى من الامتحانات التي وصلت في بعض الأحيان لهم إلى قتلهم من طرف من أرسلوا إليهم، وعلى رأس هؤلاء اليهود، فقد قال الله عنهم: أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ {البقرة:87}.
والذل المذكور في الحديث إنما يراد به الذل في الآخرة، قال صاحب تحفة الأحوذي عند شرح الحديث المذكور: قال ابن حجر: أي لا يذل من واليت من عبادك في الآخرة أو مطلقاً وإن ابتلي بما ابتلي به وسلط عليه من أهانه وأذله باعتبار الظاهر، لأن ذلك غاية الرفعة والعزة عند الله وعند أوليائه ولا عبرة إلا بهم، ومن ثم وقع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من الامتحانات العجيبة ما هو مشهور...
والله تعالى قد تكفل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالعصمة من الناس حتى يبلغ الرسالة ويؤدي الأمانة التي كُلف بها، ولم يتكفل له أن يبقيه حيا إلى الأبد.
والسم الذي جعلته له اليهودية في الشاة لم يؤثر عليه في ذلك الوقت، وإنما قاد بعده الجيوش وفاوض الأعداء وانتصر في معارك كثيرة ومارس حياة طبيعية ما يزيد على أربع سنين، وراجع في هذا فتوانا رقم: 54814.
والله أعلم.