عنوان الفتوى : حكم من يتألم لكون محمد رسول الله أفضل وأحب إلى الله منه
أعاني وأتألم من أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحبه الله أكثر مني، وجعله أفضل خلقه في كل شيء، وأعطاه الكوثر والوسيلة، فماذا أفعل حتى أتخلص من الألم؟ وماذا يفعل من أراد أن يكون أفضل خلق الله ويعطى خيري الدنيا والأخرة؟ أرجو إجابة الأسئلة مع ذكر الدليل، وماذا يفعل من أراد الله وفضله وحبه ورضاه؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعياذا بالله، ثم عياذا به مما وقع في قلبك وسطرته يدك، فالمؤمن الحق يحب النبي صلى الله عليه وسلم، ويعرف له منزلته، ويتقرب إلى الله تعالى بتعظيمه وتوقيره، ومعرفة ما اختصه الله به من الفضائل، ويزيده معرفة تلك الخصائص والميزات حبا له وتعظيما، وفرحا بكونه من أمته وأتباعه على دينه صلى الله عليه وسلم، والمؤمن يعلم أن الله يضع الفضل في مواضعه، ويوقع كل شيء في موقعه، لكونه حكيما عليما، وقبلك قد حسد الكفار النبي صلى الله عليه وسلم على ما آتاه الله، كما فعلت اليهود، فذمهم الله بقوله: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ {النساء:54}.
وأنكر الله على من اعترض على جعل النبوة والرسالة في نبيه محمد صلى الله عليه وسلم واختصاصه بذلك فقال: أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ {الزخرف:32}.
وبين تعالى أنه اختص محمدا صلوات الله عليه بما اختصه به لعلمه أنه أهل لذلك، فقال تعالى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ {الأنعام:124}.
فهذه منزلة سبقت للنبي صلى الله عليه وسلم في علم الله أزلا لما له عند الله من الكرامة، ولما اختصه الله به من أنواع الكمالات، وقد أيس كل أحد أن يبلغ رتبته أو يدرك منزلته صلى الله عليه وسلم لا غيره من الأنبياء ولا الملائكة ولا من هو دونهم، فحسبك أيها المسكين أن تكون من أتباعه المعظمين له العارفين لفضله ومنزلته؛ لعلك تدرك شرف الإيمان به ومتابعته صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن لأحد أن يتقرب إلى الله إلا عن طريق نبينا صلى الله عليه وسلم إيمانا به وتصديقا له وتعظيما ومحبة، ومتابعة لهديه صلوات الله عليه، وكلما كان الشخص له أتبع كان إلى الله تعالى أقرب، فإن كنت تريد الزلفى لدى الله والمنزلة عنده فدع عنك هذه الأوهام وتلك الأفكار الخبيثة التي يلقيها في قلبك الشيطان، فإنك إن لقيت الله على هذه الحال فأنت على خطر عظيم، واجهد في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم واقتفاء أثره عالما أنه لا سبيل لك إلى نيل شرف الدنيا والآخرة إلا بلزوم غرزه صلى الله عليه وسلم، وحسبك أن تتمنى أن تسقى من حوضه الشريف، وكيف تظن أنك تسقى بيده وأنت تحسده على ما آتاه الله من فضله؟ وراجع فتوانا رقم: 234682.
والله أعلم.