عنوان الفتوى : لا تستوحش من قلة الأخيار والعلماء
عمري 24 سنة، كيف نعلم أن استقامة المسلم صحيحة وأنه فعلا على الصراط المستقيم؟ توصون دائما بالصحبة الصالحة للمحافظة على الاستقامة، لكن هل من يواظب على الصلوات جماعة إلا الصبح ويواظب على مجالس العلم السنية وغيرها وعقيدته ليست عقيدة أهل السنة والجماعة ولا تجده يسابقك في الخيرات ولا يسعى إلى حفظ كتاب الله ولا فهمه مع وجود الوقت يمكن اعتباره صديقا صالحا، وهل من يواظب على الصلوات كلها وعلى مجالس علم أهل السنة لكنه لا يستطيع تركيب جملة عربية واحدة صحيحة بل وإذا كتبت له رسالة لم يفهم مغزاها ومضمونها فضلا عن أن يفهم كتاب الله أو كلام العلماء الذين يحضر مجالسهم، وإذا قدمت له دليلا من الكتاب والسنة أو أقوال العلماء المعتبرين على خطإ ارتكبه لا يعمل به معللا ذلك أنه سمعه من عالمه وتطبيق قول عالمه أولى من قولي، ولا يساعدك في طلب العلم ولا تدبر آيات كتاب الله... فهل هذا أيضا يعتبر صديقا يعتمد عليه، في الحقيقة أعلم أن مع أمثال هؤلاء وجب تطبيق قوله تعالى: خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين، وأنه لا يجب اتخاذهم أخلاء بل فقط إخوة يدعون بالحكمة والموعظة الحسنة ثم المجادلة بالتي هي أحسن، لكنني لا أحب الكلام إلا عن الله وكتابه وأمور الدعوة والمناقشة في أمور علمية ولعدم تواجد أخ يحب مثل ذلك فأنا أحس وأعلم أني أستكثر على أولئك فيملون، فوالله ما أدري ما هي أمثل طريقة للتعامل والتعايش مع مجتمع قل فيه علماء السنة وأهلها وكثرت البدع والخرافات وتشدد بعض العلماء وغلوهم ينفرون الناس عن دين الله بدل تحبيبهم إياه. فأنا أرجو من الله ثم منكم نصيحة عملية مع العلم أنه في بيتي ومع أهلي لا يذكر الله نهائيا فنحن الآن في رمضان وإن كنا في الأعوام الماضية نسمع لصلاة التراويح بمكة فهذة السنة إما مسلسلات أو مباريات كرة ولا من يغير المنكر وإلى الله المشتكى، فأين يا ترى المفر؟ والسلام عليكم ورحمة الله؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المنهج الصحيح الواجب اتباعه في العقيدة والعمل هو منهج أهل السنة والجماعة، فمن كان معظماً لمنهج السلف، متبعاً للكتاب والسنة بفهمهم فهو مستقيم، ومن كان مجانباً لمنهجهم محاداً لفهمهم مقدماً للأهواء والآراء فليس بالمستقيم، إذ ليس بعد الهدى إلا الضلال والردى، وإن الحصيف لا يخالل إلا من كان على المنهج القويم، إذ الطباع سراقة، والصاحب ساحب، وانظر بعض مواصفات الصديق المقارن في الفتوى رقم: 23215.
وإذا قل علماء السنة، فينبغي الالتفاف حول من وجد منهم والأخذ عنهم، وكذلك يمكنك الانتفاع بما يقوم مقامهم عند غيابهم وهو أشرطتهم، وبفضل الله قد انتشرت أشرطة العلماء والدعاة الموثوقين مثل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، وكذلك من أهم وسائل التربية قراءة كتب العلماء والتوفر على دراستها، وذلك وفق منهج متوازن بين العلوم وتقديم الأهم منها، والبدء بعلم المقاصد وفق السلم التعليمي المتدرج، وبإمكانك الاستفادة من المتاح من علماء السنة في وضع سلم تعليمي يتناسب معك، ولا تستوحش من قلة الأخيار الذين ترغب في مجالستهم ففي الكتب عوض عن كثير منهم، قيل لابن المبارك: إذا أنت صليت لم لا تجلس معنا؟ قال: أجلس مع الصحابة والتابعين، أنظر في كتبهم وآثارهم، فما أصنع معكم؟ أنتم تغتابون الناس.
وقال سفيان الثوري: ما العيش إلا القفل والمفتاح، وغرفة تصفقها الرياح لا صخب فيها ولا صياح.
هذا.. ويجب عليك أن تأمر أهلك بالمعروف وتنهاهم عن المنكر بقدر المستطاع، واعتزلهم وقت فعلهم المنكرات إن قدرت، ومن أشرت إليهم من الأصحاب الذين يواظبون على فعل الصلوات في الجماعة ويحضرون مجالس العلم، فإنهم من خير من يتخذ للصحبة، وينبغي غض الطرف عما قد يكون فيهم من جهل، ولا يلزمهم الأخذ بقولك، وترك أقوال علماء ظنوا فيهم العلم والصلاح بل لا يجوز لهم ذلك إذا كنت لا تُعرف بالعلم.
والله أعلم.