عنوان الفتوى : الإصرار على المعاصي له عقوبات كثيرة
لقد عاهدت الله عز وجل على ترك معصية معينة، ولكنني لم أستطع ترك تلك المعصية ومنذ ذلك الوقت وأنا أشعر بأن هناك شيئا غريبا على قلبي لأول مرة أشعر به، فهل هذا هو الطبع على القلب فأنا أريد أن أعرف هل الطبع على القلب شيء حسن أرجوكم أن تفيدوني لأنني معذب جداً، ولا أعرف ماذا أفعل فلم أعد أشعر بطعم للطاعة وأشعر بأن الله قد غضب علي، أرجو الرد على سؤالي في أقرب وقت ممكن؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن ذكرنا الحكم فيمن قال أعاهد الله على أمر ما وما يلزمه إذا تراجع، في الفتوى رقم: 29746، والفتوى رقم: 15049.
ولا شك أن للمعصية ظلمة في القلب، كما أن للطاعة نوراً فيه، وأن الإصرار على المعاصي يسبب وحشة بين المرء ونفسه وضيقاً في الصدر قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا {طه:124}، وانظر الفتوى رقم: 8372، والفتوى رقم: 12744.
لكن اعلم أن الله لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، فتب إلى الله الآن، ولا تستسلم لتقنيط الشيطان: وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ {الحجر:56}، فلقد دعا الله عباده جميعاً إلى التوبة، فقال: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور:31}، ورغبهم فقال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وإذا استزلك الشيطان فضعفت بعد توبتك وأذنبت، فجدد لذنبك توبة، ففي الصحيحين: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أذنب عبد ذنبا، فقال: أي رب أذنبت ذنبا فاغفرلي، فقال: علم عبدي أنه له ربا يغفر الذنب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي، ثم أذنب ذنباً آخر فقال: أي رب أذنبت ذنباً آخر، فاغفره لي، فقال ربه: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي فليفعل ما شاء، قال ذلك في الثالثة أو الرابعة.
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر لهم. وقال بعضهم لشيخه: إني أذنبت، قال: تب، قال: ثم أعود، قال: تب، قال: ثم أعود، قال: تب، قال: إلى متى؟ قال: إلى أن تحزن الشيطان.
والله أعلم.